وفيه فتوى التلميذ بحضرة شيخه بما يعرف من طريقته، ويحتمل أن يكون أبو بكر ظن أن النبي عليه الصلاة والسلام نام فخشي أن يستيقظ فيغضب على ابنته فبادر إلى سد هذه الذريعة، وفي قول عائشة:"فلما غفل غمزتهما" دلالة على أنها مع ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- لها في ذلك راعت خاطر أبيها وخشيت غضبه عليها فأخرجتهما واقتناعها في ذلك بالإشارة فيما يظهر للحياء من الكلام بحضرة من هو أكبر منها. واستدل به على جواز سماع صوت الجارية بالغناء ولو لم تكن مملوكة؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر على أبي بكر سماعه بل أنكر إنكاره واستمرتا حتى أشارت لهما عائشة بالخروج ولا يخفى أن محل الجواز ما إذا أمنت الفتنة بذلك.
وقوله:"وكان يوم عيد" هذا حديث آخر، وقد جمعهما بعض الرواة وأفردهما بعضهم، وقد تقدم هذا الحديث.
الثاني من وجه آخر عن الزهري عن عروة في أبواب المساجد ووقع عند الجوزقي، وحديث الباب هنا "وقالت" أي: عائشة "كان يوم عيد" فتبين بهذا أنه موصول كالأول، وقد استوفي الكلام على هذا الحديث في باب (أصحاب الحراب في المسجد) من أبواب المساجد.
[رجاله ستة]
قد مرّوا، وفيه ذكر أبي بكر ولفظ جاريتان مبهمتان، وأحمد شيخ البخاري يحتمل أن يكون أحمد بن صالح المصري وأن يكون أحمد بن عيسى، وقد مرّ كل منهما في الرابع والسبعين من أحاديث استقبال القبلة، ومرّ ابن وهب في الثالث عشر من "العلم"، ومرَّ عمرو بن الحارث في السابع والستين من "الوضوء"، ومرَّ محمد بن عبد الرحمن الأسدي في الثامن والثلاثين من "الغسل"، ومرَّ عروة وعائشة في الثاني من "بدء الوحي"، ومرَّ أبو بكر في باب (من لم يتوضأ من لحم الشاة) بعد الحادي والسبعين من "الوضوء".
والجاريتان المبهمتان قيل إن اسم إحداهما حمامة ولم يذكر أحد من مصنفي أسماء الصحابة حمامة هذه، وقيل اسم الأخرى زينب احتمالًا عند صاحب "الفتح"، ولم يذكر لها تعريفًا ولا نسبًا ولعله أخذه من حديث ابن طاهر في كتاب "الصفوة" أن في الأنصار امرأة يقال لها زينب كانت تغني بالمدينة.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع وإِفراد والإخبار بالجمع والعنعنة والقول، والشطر الأول من الرواة مصريون والثاني مدنيون، أخرجه البخاري في سبعة أبواب في "الجهاد" وفي "حسن العشرة مع الأهل" وفي غير ذلك ومسلم في الصلاة. ثم قال المصنف: