وأطنب الغزالي في الاستدلال، ومحصله أن الحداء بالرجز والشعر لم يزل يفعل بالحضرة النبوية وربما التمس ذلك، وليس هو إلا أشعار توزن بأصوات طيبة وألحان موزونة، وكذلك الغناء أشعار موزونة تؤدى بأصوات مستلذة وألحان موزونة.
وقال الحليمي ما تعين طريقًا للدواء أو شهد به طبيب عدل عارف جاز، ونظم بعض علماء المالكية هذا الفرع فقال:
الفكر في المسائل الصعاب ... يورث داء في الجسوم رابي
دواؤه سماع صوت يحسن ... وذاك في المواق حكم بيّن
ولا يلزم من إباحة الضرب بالدف في العرس ونحوه إباحة غيره من الآلات كالعود ونحوه، وقد حكى قوم الإجماع على تحريم الآلات، وحكى بعضهم عكسه. وفي "العيني" قال بعض مشايخنا: مجرد الغناء والاستماع إليه معصية حتى قالوا استماع القرآن بالألحان معصية والتالي والسامع آثمان. واستدلوا في ذلك بقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} جاء في التفسير أن المراد به الغناء.
وفي "فردوس الأخبار" عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه قال: احذروا الغناء فإنه من قبل الشيطان إبليس، وهو شرك عند الله لا يغني إلا الشيطان، وقد كرهه في غير العرس مثل المرأة في منزلها والصوت قال لا كراهة وأما الذي يجيء منه اللعب الفاحش والغناء فإني أكرهه، وقد أشبعت الكلام على الغناء بما لا مزيد عليه في كتابي "تصوف السعادة والفلاح"، وأما التفافه عليه الصلاة السلام بثوبه ففية إعراض عن ذلك؛ لكون مقامه يقتضي أن يرتفع عن الإصغاء إلى ذلك، لكن عدم إنكاره قال على تسويغ مثل ذلك على الوجه الذي أقره إذ لا يقر على باطل، والأصل التنزه عن اللعب واللهو فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتًا وكيفية تقليلًا لمخالفة الأصل، وقوله:"غمزتهما" جواب "لما"، والغمز بمعنى الإشارة بالعين والحاجب أو اليد والرمز كذلك.
في الحديث مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم:
بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة. وأن الإعراض عن ذلك أولى.
وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين.
وفيه جواز دخول الرجل على ابنته وهي عند زوجها إذا كان له بذلك عادة، وتأديب الأب بحضرة الزوج وإن تركه الزوج إذ التأديب وظيفة الآباء، والعطف مشروع من الأزواج للنساء.
وفيه الرفق بالمرأة واستجلاب مودتها، وأن مواضع أهل الخير تنزه عن اللهو واللغو وإن لم يكن فيه إثم إلا بإذنهم.
وفيه أن التلميذ إذا رأى عند شيخه ما يستكره مثله بادر إلى إنكاره، ولا يكون في ذلك افتيات