عبد الله بن طاهر إلى محمد بن رافع بخمسة آلاف فردَّها، قال زكرياء: وكان يخرج إلينا في الشتاء الشاتي، وقد لبس لحافه الذي يلبسه بالليل، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان ثبتًا فاضلًا، قال الحاكم: هو شيخ خراسان في الصدق والرحلة، وقال عثمان بن أبي شيبة: ذاك الزاهد، وقال جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ: ما رأيت من المحدثين أهيب منه، كان يستند فيأخذ الكتاب، فيقرأ بنفسه فلا ينطق أحد، ولا يتبسم، وقال مسلم بن الحجاج: محمد بن رافع ثقة مأمون صحيح الكتاب، وقال محمد بن شاذان: حدثنا محمد بن رافع الثقة المأمون، وقال أحمد بن سيار: محمد بن رافع كان ثقة حسن الرواية عن أهل اليمن، وقال النسائي ومسلمة: ثقة ثبت، وفي الزهرة: روى عنه البخاري سبعة عشر حديثًا، ومسلم ثلاثمائة حديث، واثنين وعشرين حديثًا.
روى عن ابن عيينة وأبي معاوية الضرير وأبي داود الطيالسي وغيرهم، وروى عنه الجماعة سوى ابن ماجه وأبو زرعة وأبو حاتم وخلق كثير، مات سنة خمس وأربعين ومائتين.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة والقول.
ثم قال: تابعه الليث، قال: حدثني كثير بن فرقد، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذه المتابعة وصلها النسائي من طريق شعيب بن الليث، عن أبيه، والبيهقي من طريق يحيى بن بكير، عن الليث، ولفظه حديث ابن عمر السابق.
ورجال المتابعة أربعة قد مرّوا: مرَّ الليث في الثالث من بدء الوحي، ومرَّ كثير بن فرقد في الثلاثين من العيدين، ومرَّ نافع في الأخير من العلم، ومرَّ ابن عمر في أول الإيمان قبل ذكر حديث منه.
[الحديث التسعون]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ بن أبي كثير، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ لِلرُّكْنِ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ، وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ. فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ قَالَ: فَمَا لَنَا وَلِلرَّمَلِ، إِنَّمَا كُنَّا رَاءَيْنَا بِهِ الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ. ثُمَّ قَالَ: شَيْءٌ صَنَعَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَلاَ نُحِبُّ أَنْ نَتْرُكَهُ.
قوله:"للركن" أي: الأسود، وظاهره أنه خاطبه بذلك، وإنما فعله ليسمع الحاضرين،