للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى القومُ بكاءَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بكوا. في هذا إشعار بأن هذه القصة كانت بعد قصة إبراهيم بن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- , لأن عبد الرحمن بن عوف كان معهم في هذه القصة، ولم يعترضه بمثل ما اعترض به هناك، فدل على أنه تقرر عنده العلم بأن مجرد البكاء بدمع العين، من غير زيادة على ذلك، لا يضر.

وقوله: فقال ألا تسمعون، لا يحتاج إلى مفعول, لأنه جعل كالفعل اللازم، أي ألا توجدون السماع؟ وفيه إشارة أنه فهم من بعضهم الإنكار فبيّن لهم الفرق بَين الحالتين. وقوله: إنّ الله، بكسر همزة إنّ, لأنه ابتداء كلام. وقوله: يعذب بهذا، أي إنْ قال سوءًا.

وقوله: أو يرحم، إن قال خيرًا، ويحتمل أن يكون معنى قوله "أو يرحم" أي: إنْ لم ينفذ الوعيد. وقوله: وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، أي: بخلاف غيره، ونظيره قوله في قصة عبد الله بن ثابت التي أخرجها مالك في الموطأ عن جابر بن عَتبك ففيه "فصاح النسوة، فجعل ابن عتبك يسكتهن، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دعهن، فإذا وجبت فلا تَبْكينَّ باكية .. " الحديث.

وقد مرَّ حديث "لما أصيب عمر" تحرير أنه يعذب ببكاء غير أهله عليه. وقوله: وكان عمر، هو موصول بالإِسناد المذكور إلى ابن عمر، وسقطت هذه الجملة، وكذا التي قبلها من رواية مسلم، ولهذا ظن بعض الناس أنهما معلقان.

وفي حديث ابن عمر من الفوائد استحبابُ عيادة المريض، وعيادة الفاضل للمفضول، والإِمام اتباعَه مع أصحابه، وفيه النهي عن المنكر، وبيان الوعيد عليه.

[رجاله خمسة]

وفيه ذكر سعد بن عبادة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وعمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عن الجميع، وقد مرّوا، مرَّ أَصْبَغ وعمرو بن الحارث في السابع والستين من الوضوء ومرَّ ابن وهب في الثالث عشر من العلم، ومرَّ ابن عمر وابن مسعود في أول الإِيمان قبل ذكر حديث منه، ومرَّ سعد بن أبي وقاص في العشرين منه، ومرَّ سعيد بن الحارث في الثالث عشر من كتاب الصلاة، ومرَّ عمر في الأول من بدء الوحي، ومرَّ عبد الرحمن بن عوف في السابع والخمسين من الجمعة، ومرَّ سعد بن عبادة في الخامس والأربعين من الجنائز هذا.

[لطائف إسناده]

فيه التحديث بالجمع والإخبار بالأفراد والعنعنة والقول، وشيخ البخاري من أفراده، ورواته مصريون ما عدا سعيد بن الحارث، فإنه مدنيّ، والحديث أخرجه مسلم أيضًا، ثم قال المصنف:

<<  <  ج: ص:  >  >>