للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيام، ثم أوردوها في التاسع، قالوا: أوردنا عِشرًا بكسر العين، وكذلك إلى الثلاثة، وروى مسلم عن الحكم بن الأعرج: انتهيت إلى ابن عباس وهو متوسد رداءه، فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء؟ قال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائمًا، قلت: هكذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصومه؟ قال: نعم، وهذا ظاهره أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع لكن قال الزين بن المنير: قوله: "إذا أصبحت من تاسعه فأصبح؛ يشعر بأنه أراد العاشر لأنه لا يصبح صائمًا بعد أن أصبح من تاسعه إلا إذا نوى الصوم من الليلة المقبلة، وهي الليلة العاشرة، ويقوي هذا الاحتمال ما رواه مسلم أيضًا عن ابن عباس أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع، فمات قبل ذلك، فإنه ظاهر في أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم العاشر وهمّ بصوم التاسع، فمات قبل ذلك، ثم ما هم به من صوم التاسع يحتمل معناه أنه لا يقتصر عليه بل يضيفه إلى اليوم العاشر إما احتياطًا له، وإما مخالفة لليهود والنصارى، وهو الأرجح، وبه يشعر بعض روايات مسلم، ولأحمد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعًا: "صوموا يوم عاشوراء، وخالفوا اليهود، صوموا يومًا قبله ويومًا بعده"، وهذا كان في آخر الأمر، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ولاسيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان، فلما فتحت مكة، واشتهر أمر الإِسلام أحب مخالفة أهل الكتاب أيضًا، كما ثبت في الصحيح فهذا من ذلك فوافقهم أولًا، وقال: "نحن أحق بموسى منكم"، ثم أحب مخالفتهم فأمر أن يضاف إليه يوم قبله ويوم بعده خلافًا لهم، ويؤيده رواية الترمذي بلفظ: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصيام عاشوراء يوم العاشر، وقال بعض أهل العلم: قوله -صلى الله عليه وسلم- في "صحيح مسلم": "لئن عشت إلى قابل لأصومنَّ التاسع" يحتمل أمرين:

أحدهما: أنه أراد نقل العاشر إلى التاسع.

والثاني: أراد أن يضيفه إليه في الصوم، فلما توفي -صلى الله عليه وسلم- قبل بيان ذلك كان الاحتياط صوم اليومين، وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر معه.

رجاله تسعة، قد مرّوا:

مرَّ يحيى بن بكير والليث وعقيل وابن شهاب في الثالث من بدء الوحي، وعروة وعائشة في الثاني، وعبد الله بن المبارك في السادس منه، ومحمد بن مقاتل في السابع من العلم، ومحمد بن أبي حفصة في تعليق بعد الثالث والعشرين من مواقيت الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>