قوله:"لما نزلت آية الصدقة" كأنّه يشير إلى قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} الآية. وقوله:"نُحامل" أي: نحمل على ظهورنا بالأُجرة. يقال: حاملت بمعنى حَمَلْت، كسافرت. وقال الخطابيّ: يريد نتكلف العمل بالأُجرة لنكتسب ما نتصدق به. ويؤيده قوله في الرواية الثانية التي بعد هذه، حيث قال فيها: انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل، أي: يطلب الحبل بالأجرة.
وقوله:"فجاء رجل فتصدق بشيءٍ كثير" والرجل هو عبد الرحمن بن عَوف، ويأتي في السند محل ذكره. والشيء المذكور هو ثمانية آلاف، أو أربعة آلاف. وقوله:"وجاء رجل، سنذكر في السند ما قيل من الخلاف فيه، ونذكر تعريف من قيل إنه هو، وإنما حصل له الصالح لكونه آجر نفسه على النَّزْح من البئر بالحبل. وقوله: "فقالوا: سمى من اللّامزين" في مغازي الواقدي مُعتب بن قُشير وعبد الرحمن بن نُبْتل، بنون ثم موحدة ساكنة ثم مثناة مفتوحة ثم لام. وقوله: "يلمزون" أي: يعيبون. وقوله: "المُطَّوِّعينَ" أصله المتطوعين، أبدلت التاء طاء وأدغمت الطاء في الطاء. وشاهد الترجمة قوله:{وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ}.
[رجاله ستة]
وفيه لفظ رجل مبهم مرتين، مرّت من رجاله أربعة، ومرّ أحد الرجلين المبهمين. مرَّ شعبة في الثالث من الإيمان، وسليمان بن مِهران في الخاص والعشرين منه، وأبو وائل في الحادي والأربعين منه، وأبو مسعود في الثامن والأربعين منه، والرجلان المبهمان: الأول منهما عبد الرحمن بن عوف، وقد مرَّ في السابع والخمسين من الجمعة، والباقي اثنان من السند، ورجل من المبهَمَين.
الأول: عُبيد الله بن سعيد بن يحيى بن بُرْد اليَشكُريّ، مولاهم، أبو قدامة السَّرخَسِيّ الحافظ، نزيل نَيْسابور. قال أبو حاتم: كان من الثقات، وقال أبو داود: ثقة، وقال النَّسائيّ: ثقة مأمون، قَلَّ من كتبنا عنه مثله. وقال إبراهيم بن أبي طالب: ما قدم علينا أثبت منه ولا أتقن. وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال: هو الذي أظهر السنة بسَرْخَس، ودعا إليها. وقال يحيى بن محمد بن يحيى: حدثنا أبو قُدامة وكان إمامًا خيرًا فاضلًا. وقال ابن عَديّ: فاضل من أهل السنة. وقال مسلمة: ثقة مأمون. وقال ابن عبد البر: أجمعوا على ثقته، وقال الحاكم: أبو قُدامة أحد أئمة الحديث، متفق على إمامته وحفظه وإتقانه.
وقد كان محمد بن يحيى روى عنه، ثُمّ ضرب على حديثه لا يخرج عنه، وسبب ذلك أن محمد بن يحيى دخل على أبي قدامة يومًا فلم يقم إليه. وفي الزهرة روى عنه البخاريّ ثلاثة عشر