للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث الثاني والثمانون]

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلاَ نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ.

قوله: "على سبعة أعظم على الجبهة" على الثانية من الأولى التي في حكم الطريح أو الأولى متعلقة بنحو حاصلًا أي: أسجد على الجبهة حال كون السجود حاصلًا على سبعة أعضاء. وقوله: "وأشار بيده على أنفه" كأنه ضمن أشار معنى أمرّ بتشديد الراء، فلذلك عدّاه بعلى دون إلى. وفي "العمدة" بلفظ إلى وهي في بعض النسخ عن كريمة. وعند النسائي، عن ابن عُيينة عن ابن طاووس فذكر هذا الحديث وقال في آخره قال ابن طاووس: ووضع على جبهته وأمرها على أنفه. قال: هذا واحد. هذه الرواية مفسرة، قال القرطبي: هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع. قال ابن دقيق العيد: معناه أنهما جعلا كعضو واحد وإلا لكانت الأعضاء ثمانية، قال: وفيه نظر؛ لأنه يلزم منه أن يكتفي بالسجود على الأنف كما يكتفي بالسجود على بعض الجبهة. وقد احتج بهذا لأبي حنيفة في الاكتفاء بالسجود على الأنف، قال: والحق أن مثل هذا لا يعارض التصريح بذكر الجبهة وإن أمكن أن يعتقد أنهما كعضو واحد فذاك في التسمية والعبارة لا في الحكم الذي دلّ عليه الأمر، وأيضًا فإن الإشارة قد لا تعين المشار إليه يقينًا وأما العبارة فإنها معينة لما وضعت له فتقديمه أولى. ونقل ابن المنذر إجماع الصحابة على أنه لا يجزىء السجود على الأنف وحده، وذهب الجمهور إلى أنه يجزىء على الجبهة وحدها. وعن الأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن حبيب من المالكية وغيرهم يجب أن يجمعهما، وهو قول للشافعي والصحيح من مذهب أبي حنيفة أنه يجزئه أن يسجد على أنفه دون جبهته.

وروى عنه وعن ابن القاسم من أصحاب مالك أن له أن يقتصر على أيهما شاء، واستدل أبو حنيفة ومَنْ معه بأن المأمور به في السجود وضع بعض الوجه على الأرض لا كله، إذ لا يمكن فيكون مأمورًا بالبعض والأنف بعضه، فلما أن الاقتصار على الجبهة يجوز بلا خلاف لكونها بعض الوجه ومسجدًا، فكذا الاقتصار على الأنف؛ لأنه بعض الوجه ومسجد. ومشهور مذهب مالك أن تارك

<<  <  ج: ص:  >  >>