أراد البخاري بإيراد الحديث هنا بيان أن لا معارضة بينه وبين حديث ابن عباس إذ ظاهر حديث ابن عباس فصل الوتر وهذا محتمل الأمرين. وهذا الحديث أخرجه هنا وأعاده إسنادًا ومتنًا في كتاب "صلاة الليل"، وأخرج هناك حديثها عن مسروق "قال: سألت عائشة عن صلاةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: سبعٌ وتسعٌ وإحدى عشرة سوى ركعتي الفجر"، وحديثها عن القاسم قالت:"كانَ يصلِّي من الليلِ ثلاثَ عشرةَ منها الوترُ وركعتا الفجر".
وفي رواية لمسلم من هذا الوجه "كانت صلاتُهُ عشرَ ركعات ويوتُر بسجدةٍ، ويركعُ ركعتي الفجرِ فتلك ثلاث عشرةَ".
فأما ما أجابت به مسروقًا فمرادها أن ذلك وقع منه في أوقات مختلفة فتارة كان يصلي سبعًا، وتارة تسعًا، وتارة إحدى عشرة.
وأما حديث القاسم عنها فمحمول على أن ذلك كان غالب حاله وسيأتي في التهجد عن أبي سلمة عنها أن ذلك كان أكثر ما يصليه في الليل ولفظه:"ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة" الحديث وفيه ما يدل على أن ركعتي الفجر من غيرها فهو مطابق لرواية القاسم.
وأما مارواه الزهري عن عروة عنها كما سيأتي في التهجد في باب ما يقرأ في ركعتي الفجر بلفظ "كان يصلي بالليل ثلاثَ عشرةَ ركعة" ثم يصلي إذا سمعَ النداء بالصُّبحِ ركعتين خفيفتين فظاهره يخالف ما تقدم فيحتمل أن تكون أضافت إلى صلاة الليل سُنّة العشاء، لكونه كان يصليها في بيته أو ما كان يفتتح به صلاة الليل، فقد ثبت عند مسلم عن سعد بن هشام عنها أنه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين وهذا أرجح؛ لأن رواية أبي سلمة التي دلت على الحصر في إحدى عشرة جاء في صفتها عند المصنف وغيره يصلي أربعًا ثم أربعًا ثم ثلاثًا، فدل على أنها لم تتعرض للركعتين الخفيفتين وتعرضت لهما في رواية الزهري والزيادة من الحافظ مقبولة، وبهذا يجمع بين الروايات