وأما علي بن مُدْرك فهو أبو مُدْرك النخعِيّ الكُوفي، روى عن أبي زَرعة ابن عمرو بن جرير وإبراهيم النخعيّ وهلال بن يساف، وتميم بن طَرَفة وخلق. وروى عنه الأعمش والمسعوديّ وشُعبة وحَنَش بن الحارث وغيرهم. قال ابن مُعين والنَّسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح صدوق، ثم قال: ثقة، وذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال إنه سمع من أبي مسعود البدريّ، فلذلك عده في التابعين، وقال العجلي: كوفي ثقة، له في مسلم حديثان، أحدهما عن جرير في استنصات الناس في حجة الوداع، والثاني عن أبي ذَرٍ. مات سنة عشرين ومئة، والنخعي في نسبه مر في الخامس والعشرين من الإِيمان.
لطائف إسناده: منها أن فيه التحديث والإِخبار بصيغة الجمع والإفراد والعنعنة، ورواته ما بين كوفيّ وواسطيّ وبصريّ، وفيه رواية ابن عن جده، أخرجه البخاريُّ هنا وفي المغازي وفي الديات، ومسلم في الإِيمان، والنَّسائيّ في العلم وفي المحاربة، وابن ماجه في الفتن، وهو قطعة من حديث أبي بكرة الطويل، ذكره البخاري في الخطبة أيام مِنى، ومسلم في الجنايات، وقد تقدمت قطعة من حديث أبي بكرة في كتاب العلم في موضعين.
ثم قال المصنف:
باب ما يستحب للعالم إذا سئل أيُّ الناس أعلم فيكل العلم إلى الله تعالى.
الفاء في قوله "فيكل" تفسيرية بناء على أن فعل المضارع بتقدير المصدر، أي ما يستحب عند السؤال، هو الوكول، وفي رواية أن يكل، وهو أوضح.