الفِرَبْريّ من أنه عليه السلام سار إلى أخيه قَابيْل، فقاتله بوصية أبيه له بذلكَ، وأخذه أسيرًا، وسلسله، ولم يزل كَذلك إلى أن مات كافرًا، أعاذنا الله تعالى من ذلك، وهو أول من تقلد السيف، وقيل: إنما خُصَّ بالذكر لأنه أول رسول آذاه قومه، فكانوا يحصِبونه بالحجارة حتى يقعَ على الأرض، كما وقع مثله لنبينا عليهما الصلاة والسلام، وقيل: لأنه أول أولي العزم، وعَطَفَ عليه النبيين من بعده.
قال في "الفتح": إن المصنف ابتدأ كتابه بالرواية عن الحُميدي امتثالا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قَدِّموا قريشًا" وهو أفقه قرشي أخذ عنه، وله مناسبة أخرى وهو أنه مكي كشيخه، فناسب أن يذكر في أول ترجمة بدء الوحي، لأنّ ابتداءه كان بمكة، ومن ثم ثنى بالرواية عن مالك، لأنه شيخ أهل المدينة، وهي تالية لمكة في نزول الوحي، وفي جميع الفضل على قول، وأفضل على مذهب مالك، ومالك وابن عُيَيْنة قرينان. قال الشافِعِيّ: لولاهما لذهب العلم بالحجاز.
ووجه إدخال الحديث في ترجمة بدء الوحي، هو أن الكتاب لما كان موضوعًا لجميع وحي السنة، صدَّرَه ببدء الوحي، ولما كان الوحي لبيان الأعمال الشرعية صدَّرَه بحديث الأعمال، وأبدى بعض العلماء نكتة عجيبة في بدء البخاري بهذا الحديث، فقال: إن البخاري ابتدأ كتابه