قوله:"أُتي بطعام" في رواية نوفل بن إياس أن الطعام كان خبزًا ولحمًا، أخرجه التِّرمذي في الشمائل. قوله: وكان صائمًا، ذكر ابن عبد البَرّ أن ذلك في مرض موته، وقوله: هو خير مني، مرَّ ما فيه في الذي قبله. وقوله: ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، يشير إلى ما فتح لهم من الفتوح والغنائم، وحصل لهم من الأموال. وكان لعبد الرحمن من ذلك الحظ الوافر.
وقوله: ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام، في رواية أحمد عن شُعبة "وأحسبه لم يأكله" وزاد في هذه الرواية "إن غطى رأسه بدت رجلاه" الخ، وهو موافق لما في الرواية التي في الباب الذي يليه. وروى الحاكم في "الإِكليل" عن أنس أن حمزة أيضًا كفن كذلك. وفي قول عبد الرحمن "هو خير مني" إشارة إلى تعظيم فضل من قتل في المشاهد الفاصِلة مع النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفي الحديث فضل الزهد وأن الفاضل في الدين ينبغي له أن يمتنع من التوسع في الدنيا، لئلا تنقص حسناته، وإلى ذلك أشار عبد الرحمن بقوله "خشينا أن تكون حسناتنا قد عُجَّلت" وقال ابن بطال: وفيه أنه ينبغي ذكر سير الصالحين، وتقللهم في الدنيا لتقل رغبته فيها. قال: وكان بُكاء عبد الرحمن شَفَقًا أنْ لا يلحق بمن تقدمه، وفيه أنه ينبغي للمرء أن يتذكر نعم الله عنده، ويعترف بالتقصير عن أداء شكرها، ويتخوف أن يُقَاصَّ بها في الآخرة، ويذهب سعيه فيها.