صلاة. وقال المهلب فيه: إن المندوبات ترتفع إذا خشي منها الحرج، وفيه ما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- من الشفقة على أُمته، وفيه جواز الاجتهاد منه -عليه الصلاة والسلام - فيما لم ينزل عليه في نص؛ لكونه جعل المشقة سببًا لعدم أمره، فلو كان الحكم متوقفًا على النص لكان انتفاء سبب الوجوب عدم ورود النص لا وجود المشقة.
وقال ابن دقيق العيد: وفيه بحث ووجهه أنه يجوز أن يكون إخبارًا منه -صلى الله عليه وسلم- بأن سبب عدم ورود النص وجود المشقة، فيكون معنى قوله:"لأمرتهم" أي: عن الله بأنه واجب.
واستدل به النسائي لاستحباب السواك للصائم بعد الزوال لعموم قوله:"كل صلاة". واختلف في السواك فقيل هو سُنة من سنن الدين وهو قول أبي حنيفة، وقيل من سُنن الوضوء وقيل من سُنن الصلاة. ووردت أحاديث تدل على أنه من سنن الدين.
منها ما رواه أحمد والترمذي عن أبي أيوب "أربع من سنن المرسلين الختان والتعطر والسواك والنكاح".
ومنها ما رواه مسلم عن عائشة "عشر من الفطرة فذكر فيها السواك". ومنها ما رواه البزار عن أبي هريرة "الطهارات أربع قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظفار والسواك" ووقته وقت الوضوء إلا أن المنقول عند أبي حنيفة أنه من سنن الدين وحينئذ يستوي فيه كل الأحوال.
وفي "كفاية المنتهى" أنه يستاك قبل الوضوء. وعند الشافعي هو سنة القيام إلى الصلاة، وعند الوضوء، وعند كل حال يتغير فيها الفم.
قال ابن دقيق العيد: الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حالًا تقرب إلى الله تعالى فاقتضى أن يكون حال كمال ونظافة إظهارًا لشرف العبادة، وقد ورد عن علي عند البزار ما يدل على أنه لأمر يتعلق بالملك الذي يستمع القرآن من المصلي، فلا يزال يدنو منه حتى يضع فاه على فيه، لكنه لا ينافي ما تقدم. وروى أبو نعيم عن جابر برواة ثقات "إذا قام أحدكم من الليل يصلي" فليستك فإنه إذا قام يصلي أتاه ملك فيضع فاه على فيه فلا يخرج شيء من فيه إلا وقع في في الملك". وقد مرّ كثير من مباحث السواك في آخر كتاب "الوضوء" في باب (السواك).
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرّ عبد الله بن يوسف ومالك في الثاني من بدء الوحي، ومرّ أبو الزناد والأعرج في السابع من الإيمان، ومرّ أبو هريرة في الثاني منه، وأخرج هذا الحديث الترمِذِيّ والنسائي وغيرهم.