يخالف فيه الثقة غيره، وإنما أتى فيه بشيء انفرد به أنه إن بلغ الضبط التام كان فرده صحيحًا كحديث النهي عن بيع الولاء المتقدم، وإن قرب من الضبط التام كان فرده حسنًا كحديث إسرائيل عن يوسف عن أبي بُردة عن أبيه عن عائشة، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك، فقد قال الترمذي فيه: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف عن أبي بُردة، وإن بَعُدَ من الضبط كان من الشاذِّ فيجب طرحُهُ. وإلى الشاذِّ أشار العراقي فقال:
وذُو الشُّذوذِ ما يُخالِفُ الثِّقَه ... فيهِ المَلَا فالشافعيُّ حَقَّقهْ
والحاكمُ الخلافَ فيه ما اشْترَطْ ... ولِلْخلِيليِ مُفْرَدُ الرّاوي فَقَطْ
وأما الغريب الذي هذا الحديث من أنواعه، فهو ما انفرد به راو عن كل أحد سواء انفرد به عن إمام من شأنه أن يجمع حديثه لجلالته، وإن لم يجمع كالزُّهْرِيّ وقَتادة أولًا. والانفراد إما بجميع المتن كحديث النهي عن بيع الوَلاء وهبتهِ، فإنه لم يصِحَّ إلا من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أو ببعضه، كحديث زكاة الفطر حيث قيل: إن مالكًا انفرد عن سائر رواته بقوله: من المسلمين، أو ببعض السند، كحديث أم زَرْع، إذ المحفوظ فيه رواية عيسى بن يونس وغيره، عن هشام بن عُروة، عن أخيه عبد الله، عن أبيهما، عن عائشة - رضي الله عنها -. ورواه الطَّبرَانيّ من حديث الدّراوردي وغيره عن هشام بدون واسطة أخيه. سمي غريبًا لانفراد راويه عن غيره كالغريب الذي شأنه الانفراد عن وطنه. وحدّه ابن منْدة أبو عبد الله: بأنه ما انفرد به الراوي عن كل أحد عن إمام من شأنه أن يُجمع حديثه.