الصلاة والسلام مع النَّمرود الملعون، فإن إبراهيم عليه السلام لما قال: ربي الذي يحي ويميت، وقال النمرود: أنا أحي وأُميت، لم يحتج إلى أن يوقفه على كيفية إحيائه وإماتته، بلى انتقل إلى قوله: فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، فأُفحم نمروذ عند ذلك. وقوله: فما درى عبدُ الله ما يقول: أي في توجيه الآية على فتواه.
والظاهر أن مجلس المناظرة بين ابن مسعود وأبي موسى ما كان يقتضي تطويل المناظرة، وإلا لكان لابن مسعود أن يجيب بأن المُلامسة في الآية المرادُ بها تلاقي البَشرتين بلا جماع، وقد لتشكل ما ذهب إليه عمر وابن مسعود، رضي الله تعالى عنهما، من إبطال هذه الرخصة، مع ما فيها من إسقاط الصلاة عمن خوطب بها وهو مأمور بها. وأجيب بانها إنما دَلّ الملامسة في قوله تعالى {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ}[النساء: ٤٣] على مماسة البشرتين من غير جماع، إذ لو أراد الجماع لكان فيه مخالفة صريحة لقوله تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦] أي اغتسلوا، ثم {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} بعد قوله {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}[المائدة: ٦] فجعل التيمم بدلًا عن الوضوء فلا يدل على جواز التيمم للجنب، والحاصل أن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما لا يريان تيمم الجنب الآية {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦] وآية {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا}[النساء: ٤٣] وقد مرَّ في أول الكتاب أنّ ابن مسعود قيل برجوعه عن ذلك. وقوله: إذا بَرِدَ على أحدهم الماء، بفتح الراء في برد وضمها، والفتح أشهر، قال ابن بطال: في الحديث جواز التيمم للخائف من البرد. وقال العينى: التيمم للجُنُب المقيم إذا خاف البرد ويجوز عند أبي حنيفة، خلافًا لصاحبيه.
[رجاله سبعة]
الأول: عمر بن حفص بن غياث.
والثاني: أبوه. وقد مرَّ في الثاني من كتاب الغُسل، ومرَّ في الحديث الذي قبله ذكر مجال بقيتهم