عبد بن حميد بإسناد صحيح عن الحسن قال: كان الرجل من الجاهلية يهم بالشيء يصنعه فيحبس عن ذلك، فلا يأتي بيتًا من قبل بابه حتى يأتي الذي كان هم به، فجعل ذلك من باب الطيرة، وغيره جعل ذلك بسبب الإحرام، وخالفهم محمد بن كعب القرظي فقال: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت، فنزلت. أخرجه ابن أبي حاتم، وأغرب الزجاج فجزم بأن سبب نزولها ما روي عن الحسن، وما في الصحيح أصح، واتفقت الروايات على أن الحمس كانوا لا يفعلون ذلك، بخلاف غيرهم، وعكس ذلك مجاهد، فقال: كان المشركون إذا أحرم الرجل منهم ثقب كوة في ظهر بيته فدخل منها، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم ومعه رجل من المشركين فدخل من الباب، وذهب المشرك ليدخل من الكوة فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما شأنك" قال: أني أحمسي فقال: "وأنا أحمسي" فنزلت. أخرجه الطبري.
[رجاله أربعة]
قد مرّوا: وفيه لفظ رجل مبهم، مرَّ أبو الوليد في العاشر من الإِيمان، وشعبة في الثالث منه وأبو إسحاق والبراء في الثالث والثلاثين منه، والرجل المبهم قيل إنه قطبة بن عامر، وهو الصحيح، وقيل رفاعة بن تابوت وها أنا أذكر تعريف الاثنين فالأول قطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن سواد، بن غنم، بن كعب ابن سلمة الأنصاري الخزرجي يكنى أبا زيد، شهد العقبة الأولى، والثانية وبدرًا، والمشاهد كلها وكانت معه راية بني سلمة يوم الفتح، وجرح يوم أحد تسع جراحات، وقال أبو معشر: رمى قطبة بن عامر يوم بدر بحجر بين الصفين، فقال:"لا أفر حتى يفر هذا الحجر" وروى الحاكم، وابن خزيمة في صحيحهما وأبو الشيخ، عن جابر كانت الحمس من قريش تدخل من أبواب البيوت، وكانت الأنصار وسائر العرب يدخلونها من ظهورها، فبينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بستان ومعه أناس من أصحابه فخرج من البستان، ومعه قطبة بن عامر فقال: أناس يا رسول الله، أن قطبة رجل فاجر قال وما ذاك فأخبروه، فقال له:"ما حملك على ذلك" قال: رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت قال إني أحمسي قال: إن ديني دينك، فأنزل الله {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} قال البغوي: لا أعلم لقطبة بن عامر حديثًا، توفي قطبة في خلافة عمر، وقال ابن حبان بدرى، مات في خلافة عثمان.
الثاني رفاعة بن تابوت الأنصاري جاء ذكره في حديث مرسل، أخرجه ابن جرير، وعبد بن حميد من طريق قيس بن جبير النهشلي قال: كانوا إذا أحرموا لم يأتوا بيتًا من قبل بابه، ولكن من قبل ظهره وكانت الحمس بخلاف ذلك، فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حائطًا ثم خرج من بابه فاتبعه رجل يقال له رفاعة بن تابوت، ولم يكن من الحمس فقالوا يا رسول الله نافق رفاعة فقال:"ما حملك على ما صنعت قال "تبعتك قال: إني من الحمس" قال: فإن ديننا واحد، فنزلت {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} وأما الحديث الذي أخرجه مسلم من