أي: هل تجب فيه الزكاة أو لا؟ إطلاق الاستخراج أعم من أن يكون بسهولة، كما يوجد في الساحل أو بصعوبة كما يوجد بعد الغوص ونحوه. ثم قال: وقال ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما: ليس العنبر بركاز، إنما هو شيء دَسَرَه البحر. اختلف في العنبر، فقال الشافعيُّ في الأم: أخبرني عدد ممن أوثق بخبره أنه نبات يخلقه الله في جنبات البحر. قال: وقيل إنه يأكله حوت فيموت، فيلقيه البحر، فيؤخذ فيشق بطنه، فيخرج منه. وقال محمد بن الحسن: إنه ينبت في البحر بمنزلة الحشيش في البر. وقيل: هو شجر ينبت في البحر فينكسر، فيلقيه الموج إلى الساحل. وقيل: يخرج من عَين. قال ابن سينا: وقال وما يحكى من أنه روث دابة أو قيؤها، أو من زَبَد البحر بعيدٌ. وقال ابن البيطار: هو روث دابة بحرية، وقيل: هو شيء بنبت في قعر البحر. ثم حكى نحو ما تقدم عن الشافعيّ، ويأتي في الباب الذي بعده تحقيق الركاز.
وقوله: دسره، أي دفعه ورماه إلى الساحل، وهذا التعليق وصله الشافعيّ، وأخرجه البيهقيّ من طريقه، وأخرجه ابن أبي شَيبة في مصنفه عن وكيع، وقد جاء عن ابن عباس التوقف فيه، ويجمع بين القولين بأنه كان يشك فيه، ثم تبين له أنه لا زكاة فيه، فجزم بذلك. وابن عباس مرَّ في الخامس من بدء الوحي.
ثم قال: وقال الحسن: في العنبر واللؤلؤ الخمس. وهذا التعليق وصله أبو عبيد في كتاب الأموال، والحسن البصريّ مرَّ في الرابع والعشرين من الإيمان.
ثم قال: فإنما جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في الركاز الخمس، ليس في الذي يصاب في الماء. سيأتي موصولًا في الذي بعده، وأراد بذلك الرد على ما قال الحسن، لأن الذي يستخرج من البحر لا يسمى في لغة العرب ركازًا، كما سيأتي شرحُه قريبًا. قال ابن القَصّار: ومفهومُ الحديث أن غير الرَّكاز لا خُمس فيه، ولاسيما اللؤلؤ والعنبر، لأنهما يتوالدان من حيوان البحر، فأشبها السمك.