للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَارٍ، فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ، فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ.

هكذا أورده هنا مختصرًا، وقد أورده مطولًا في الكفالة، وسأشرحه هنا إن شاء الله تعالى، على ما في الكفالة، ووقع هنا في رواية أبي ذَرٍّ معلقًا، ووصله أبو ذَرٍّ عن علي بن وَصيف عن محمد بن غسان عن عبد الله بن صالح عن الليث به، وفي خط أبي عليّ الصدفيّ في هذا الحديث "رواه عاصم بن علي عن الليث"، فلعل البخاريّ إنما لم يسنده عنه لكونه ما سمعه منه، أو لكونه تفرّد به، فلم يوافقه عليه أحد، والأول بعيد سلمنا لكن لم ينفرد به عاصم، فقد اعترف أبو عليّ بذلك، فقال في آخر كلامه: رواه محمد بن رمح عن الليث، وكأنه لم يقف على الموضع الذي وصله فيه البخاريّ عن عبد الله بن صالح.

قال الإسماعيليّ ليس في هذا الحديث شيء يناسب الترجمة، رجل اقترض قرضًا فارتجع قرضه، وكذا قال الداودي: حديث الخشبة ليس من هذا الباب في شيء. وأجاب أبو عبد الملك بأنه أشار به إلى أن كل ما ألقاه البحر جاز أخذه، ولا خُمس فيه. وقال ابن المنير: موضع الاستشهاد منه أخذ الرجل الخشبة على أنها حطب، فإذا قلنا: إنَّ شرع من قبلنا شرع لنا، فيستفاد منه إباحة ما يلفظه البحر من مثل ذلك، مما نشأ في البحر أو عطب فانقطع ملك صاحبه. ولذلك ما لم يتقدم عليه ملك لأحد من باب أوْلى، وكذلك ما يحتاج إلى معاناة وتعب في استخراجه أيضًا.

وقد فرق الأوزاعيّ بين ما يوجد في الساحل، فيخمس، أو في البحر بالغوص ونحوه، فلا شيء فيه. وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب فيه شيء إلا ما روى عن عمر بن عبد العزيز، كما أخرجه ابن أبي شيبة، وكذا الزّهريّ والحسن كما تقدم، وهو قول أبي يوسف، ورواية عن أحمد.

وقوله: إن رجلًا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، في رواية أبي سلمة "أن رجلًا من بني إسرائيل كان يسلف الناس، إذ أتاه الرجل بكفيل" لم يعرف اسم هذا الرجل، إلا أنه في مسند الصحابة الذين نزلوا مصر، لمحمد بن الربيع الجيزيّ، بإسناد له فيه مجهول، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، يرفعه "أن رجلًا جاء إلى النجاشيّ فقال له: أسلفني ألف دينار إلى أجل، فقال: من الحَميلُ بك؟ فقال: الله، فأعطاه الألف، فضرب الرجل، أي: سافر، بها في تجارة، فلما بلغ الأجل أراد الخروج إليه فحبسه الريح، فعمل تابوتًا". فذكر الحديث مثل حديث أبي هريرة.

واستفيد منه أن الذي أقرض هو النجاشيّ، فيجوز أنَّ نسبته إلى بني إسرائيل بطريق الاتباع، لا أنه من نسلهم. وقوله: كفى بالله كفيلا، قال: صدقت، في رواية أبي سلمة: سبحان الله، نعم. وقوله: فدفعها إليه، أي الألف دينار، وفي رواية أبي سلمة: "فعدله ستمائة دينار". والأول أرجح، لموافقته حديث عبد الله بن عمرو، ويمكن الجمع بينهما باختلاف العدد والوزن، مثلًا ألفًا والعدد

<<  <  ج: ص:  >  >>