للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب المعتمر إذا طاف طواف العمرة، ثم خرج هل يجزئه من طواف الوداع؟]

ومناسبة الترجمة للحديث من جهة قوله فيه: "فلتهل بعمرة" إلخ، من حيث كونه اكتفى فيه بطواف العمرة عن طواف الوداع، قال ابن بطال: لا خلاف بين العلماء أن المعتمر إذا طاف، فخرج إلى بلده أنه يجزئه من طواف الوداع، كما فعلت عائشة، وكأن البخاري لما لم يكن في حديث عائشة التصريح بأنها ما طافت للوداع بعد طواف العمرة، لم يبت الحكم في الترجمة، وأيضًا فإن قياس من يقول: إن إحدى العبادتين لا تندرج في الأخرى أن يقول بمثل ذلك هنا، ويستفاد من قصة عائشة أن السعي إذا وقع بعد طواف الركن، إن قلنا: إن طواف الركن يغني عن طواف الوداع، إن تخلل السعي بين الطواف، والخروج لا يقطع أجزاء الطواف المذكور عن الركن والوداع معًا.

[الحديث السادس عشر]

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْنَا مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَحُرُمِ الْحَجِّ، فَنَزَلْنَا سَرِفَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلاَ. وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَرِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ذَوِى قُوَّةٍ الْهَدْيُ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ عُمْرَةً، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ: "مَا يُبْكِيكِ؟ ". قُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ لأَصْحَابِكَ مَا قُلْتَ فَمُنِعْتُ الْعُمْرَةَ. قَالَ: "وَمَا شَأْنُكِ؟ ". قُلْتُ: لاَ أُصَلِّي. قَالَ: "فَلاَ يَضُرَّكِ أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كُتِبَ عَلَيْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِهَا". قَالَتْ: فَكُنْتُ حَتَّى نَفَرْنَا مِنْ مِنًى، فَنَزَلْنَا الْمُحَصَّبَ فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: "اخْرُجْ بِأُخْتِكَ الْحَرَمَ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا مِنْ طَوَافِكُمَا، أَنْتَظِرْكُمَا هَاهُنَا". فَأَتَيْنَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ. فَقَالَ: "فَرَغْتُمَا؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. فَنَادَى بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، وَمَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ خَرَجَ مُوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ.

قوله: "فنزلنا بسرف" في رواية أبي ذر وأبي الوقت: سرف بحذف الباء، وكذا لمسلم عن أفلح.

وقوله لأصحابه: "من لم يكن معه هدي" ظاهره أن أمره عليه الصلاة والسلام لأصحابه

<<  <  ج: ص:  >  >>