هذا طرف من حديث أبي حميد الساعدي الماضي مطولًا، في أواخر الزكاة في باب خرص التمر، ومرَّ الكلام عليه هناك مستوفى، وفي بعض طرقه: طابة، وفي بعضها: طيبة؛ وطيبة كهيبة، وطيبة كصيبة، وطائب ككاتب، فهذه الثلاثة مع طابة كشامة أخوات لفظًا ومعنى، مختلفات صيغة. ومبني، وروى مسلم عن جابر بن سمرة مرفوعًا:"إن الله سمى المدينة طابة" ورواه أبو داود الطيالسي في "مسنده"، عن شعبة، عن سماك بلفظ:"كانوا يسمون المدينة يثرب فسماها النبي -صلى الله عليه وسلم- طابة"، وأخرجه أبو عوانة، والطاب والطيب لغتان بمعنى، واشتقاقهما من الشيء الطيب، وقيل: لطهارة تربتها، أو لطهارتها من الشرك، وحلول الطيب عليه الصلاة والسلام بها، وقيل: لطيبها لساكنها، وقيل: من طيب العيش بها، وقال بعض أهل اللغة: وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية؛ لأن من أقام بها يجد من تربتها، وحيطانها رائحة طيبة، لا تكاد توجد في غيرها، وقال الحافظ: أمر المدينة في طيب ترابها وهوائها يجده من أقام بها، ويجد لطيبها أقوى رائحة، ويتضاعف طيبها فيها عن غيرها من البلاد، وكذلك العود وسائر أنواع الطيب، ولله در الإشبيلي حيث قال: لتربة المدينة نفحة ليس كما عهد من الطيب، بل هو عجيب من الأعاجيب، ولها أسماء كثيرة، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، منها: ما رواه عمر بن شبة في أخبار المدينة من رواية زيد بن أسلم قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "للمدينة عشرة أسماء، هي: المدينة، وطابة، وطيبة، والمطيبة، والمسكينة، والدار، وجابرة، ومجبورة، ومنيرة، ويثرب"، وعن محمد بن أبي يحيى قال: لم أزل أسمع أن للمدينة عشرة أسماء هي: المدينة، وطيبة، وطابة، والمطيبة، والمسكينة، والمدرى، والجابرة، والمجبورة، والمحببة، المحبوبة، وزاد الزبير في أخبار المدينة عن ابن أبي يحيى:"والقاصمة" وعن أبي سهل بن مالك، عن كعب الأحبار قال نجد في كتاب الله