الذي أنزل على موسى أن الله قال للمدينة: يا طيبة، ويا طابة، ويا مسكينة! لا تقبلي الكنوز، أرفع أجاجيرك على القرى، وروى الزبير عن عبد الله بن جعفر قال: سمى الله المدينة: الدار والإيمان، ومن أسمائها بيت الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى:{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} أي: من المدينة لاختصاصها به؛ اختصاص البيت بساكنه، والحرم لتحريمها كما مرَّ، والحبيبة؛ لحبه عليه الصلاة والسلام لها، ودعائه به، وحرم الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأنه الذي حرمها، وللطبراني بسند رجاله ثقات: حَرَمُ إبراهيمَ مكةٌ، وحرمي المدينةُ. وحسنة، قال الله تعالى:{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} أي: مباءة حسنة وهي المدينة، ودار الأبرار، ودار الأخيار لأنها دار المختار، والمهاجرين والأنصار، وتنفي شرارها، ومن أقام بها منهم فليست له في الحقيقة بدار، وربما نقل منها بعد الأقبار، ودار السنة، ودار السلامة، ودار الفتح، ودار الهجرة؛ فمنها فتح سائر الأمصار، وإليها هجرة المختار، ومنها انتشرت السنة في الأقطار، والشافية؛ لحديث ترابها شفاء من كل داء، وذكر ابن مسدي الاستشفاء بتعليق أسمائها على المحموم، وقبة الإِسلام: لحديث: "المدينة قبة الإِسلام"، والمؤمنة؛ لتصديقها به حقيقة بخلقه، فيها قابلية ذلك كما في تسبيح الحصى، أو مجازًا لاتصاف أهلها وانتشاره منها، وفي خبر: والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة، وفي آخر: إنها لمكتوبة في التوراة مؤمنة، والمباركة؛ لأن الله تعالى بارك فيها بدعائه عليه الصلاة والسلام وحلوله فيها، والمختارة؛ لأن الله تعالى اختارها للمختار من خلقه، والمحفوظة؛ لحفظها من الطاعون والدجال وغيرهما، ومدخل صدق، والمرزوقة أي: مرزوق أهلها، والمسكينة كما مرَّ عن التوراة والمسكنة الخضوع والخشوع خلقه الله فيها، أو هي مسكن الخاشعين -أسال الله العظيم بوجاهة وجهه الوجيهة ونبيه النبيه عليه الصلاة والسلام أن يجعلني من ساكنيها المقربين حيًّا وميتًا؛ إنه جابر المنكسرين، وواصل المنقطعين- ومنها المقدسة؛ لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب، وأكالة القرى لغلبتها الجميع فضلًا، وتسلطها عليها، وافتتاحها بأيدي أهلها فغنموها وأكلوها، وروى الزبير في أخبار المدينة عبد العزيز الدراوردي أنه قال: بلغني أن للمدينة في التورية أربعين اسمًا، وذكر الشامي في "سيرته": لها نحو مائة اسم، وها أنا أذكر بعضًا مما لم يذكر فيما مرَّ فمنها: البحيرة كرغيفة، فالبحر الاتساع وهي بمتسع من الأرض، والبلاط كسحاب إذ هو الحجارة المفروشة، وذلك كثير فيها، والبلد قال الله تعالى:{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَد} قيل: مكة، وقيل: المدينة، وتندد -بالمثناة الفوقية، والنون، والدالين المهملتين- كجعفر، ويروى ياء بدل التاء من الند الطيب المعروف أو من الند التل المرتفع، والجبارة، وجبار كخدام لجبرها الكسير وإغنائها الفقير، وجزيرة العرب لقول بعضهم: إنها المراد في حديث: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب" والجُنة بضم الجيم وهي الوقاية والخيرة بالتخفيف والتشديد، وذات الحجر بضم الحاء وفتح الجيم لاشتمالها عليها، وذات