وقوله:"كنت أغتسل أنا والنبي" أنا تأكيد لاسم كان، مصحح للعطف على الضمير المرفوع المتصل، ويجوز فيه النصب على أنه مفعول معه، والأكثرون على أن هذا العطف، وما كان مثله، من باب عطف المفردات، وزعم بعضهم أنه من باب عطف الجُمل، وتقديره في قوله تعالى:{لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ}[طه: ٥٨]: ولا تُخْلِفه أنت. وفي قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ}[البقرة: ٣٥]، وليسكن زوجك، وهكذا كنت أغتسل أنا ويغتسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله:"نغرف" بالنون والغين المعجمة الساكنة، وله في الاعتصام:"نشرع فيه جميعًا".
وقوله:"جميعًا" حال، وصاحب الحال فاعل اغتسل. وما عُطِف عليه، ونظيره قوله تعالى:{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ}[مريم: ٢٧]، فقيل: هو حال من ضمير مريم ومن الضمير المجرور، ضمير عيسى عليه السلام، لاشتمال الجملة على ضميريهما، وقيل: من ضميرها، وقيل: من ضميره. ويُحتمل أن يكون في محل الصفة لـ"إناء" صفة مقدرة بعد الصفة الظاهرة المذكورة، أو بدلًا من اغتسل، ويقال جاؤوا جميعًا، أي كلهم، فتكون تأكيدًا، والصواب أنها حال، والجمع ضد التفريق، ويحتمل هنا أن يراد جميع المغروف، أو جميع الغارفين. وقال ابن فَرْحون:"جميعًا" يرادف كلاًّ في العموم، ولا يفيد الاجتماع في الزمان، بخلاف معًا. وعدَّها ابن مالك من ألفاظ التوكيد. وقال سيبويه: إنها بمنزلة "كل" معنىً واستعمالًا، والشاهد قول أعرابية ترقص ولدها:
فداك حيُّ خَوْلان ... جميعُهُم وهَمْدان
وهكذاكَ قَحْطان .... والأكرَمون عَدْنان
ومرت مباحث هذا الحديث في باب: الوضوء قبل الغسل، وباب: هل يُدخل الجنب يده في الإناء.