قال في الفتح: موضع الحاجة منه هنا قوله: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، وكأنه أشار بإيراده عقب حديث عبادة أن الفاتحة إنما تتحتم على من يحسنها، وأن من لم يحسنها يقرأ بما تيسر عليه. وأن إطلاق القراءة في حديث أبي هريرة مقيدة بالفاتحة كما في حديث عبادة. قلت: كان الأولى له الاقتصار على أن مناسبة الحديث للترجمة في قوله ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن فإن الترجمة إنما فيها وجوب القراءة للإمام والمأموم، وقد مرّ أن المنفرد حكمه حكم الإِمام والحديث دال على وجوب القراءة على المنفرد واعترضه العيني من وجه آخر وقال: إن مناسبته للترجمة بالاستيناس في قوله وما يخافت لأنه عليه الصلاة والسلام أمر الرجل المذكور في هذا الحديث بالقراءة في صلاته وكانت نهارية، وأصل صلاة النهار على الإسرار إلا ما خرج بدليل كالجمعة والعيدين. والأولى عندي في المناسبة الوجه الأول.
قوله: عن أبيه قال الدارقطني خالفه يحيى القطّان وأصحاب عبيد الله كلّهم في هذا الإسناد فإنهم لم يقولوا عن أبيه ويحيى حافظ فيشبه أن يكون عبيد الله حدّث به على الوجهين.
وقال البزار: لم يتابع يحيى عليه ورجح الترمذي رواية يحيى ولكل من الروايتين وجه مرجح، أما رواية يحيى فللزيادة من الحافظ، وأما الرواية الأخرى فللكثرة، ولأن سعيدًا لم يوصف بالتدليس، وقد ثبت سماعه من أبي هريرة، ومن ثم أخرج الشيخان الطريقين. فأخرج البخاري طريق يحيى هنا، وفي باب أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يتم ركوعه بالإعادة الآتي، وأخرج في الاستيذان طريق عبيد الله بن نمير، وفي الأيمان والنذور عن أبي أسامة كلاهما عن عبيد الله ليس فيه عن أبيه.