أي: الميتة قبل الغَسل، والتقييد بالمرأة خرج مخرج الغالب أو الأكثر، وإلا فالرجل إذا كان له شعر ينقض، لأجل التنظيف، وليبلغ الماء البَشَرة. وذهب من منعه إلى أنه قد يفضي إلى انتتاف شعره، وأجاب من أثبته بأنه يُضَم إلى ما انتثر منه. ثم قال: وقال ابن سيرين: لا بأس أن يُنْقَض شعر الميت، وهذا التعليق وَصَلَه سعيد بن منصور عن أيوب عنه، وابن سيرين مرَّ في أول الأحاديث محله.
قوله: قال أيوب، في رواية الإِسماعيليّ عن ابن جُريج أن أيوب بن أبي تميمة أخبره، وقوله: سمعت، هو معطوف على محذوف تقديره: سمعت كذا، وسمعت حفصة، وقوله:"أنهن جعلن رأس بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة قرون نقضنه ثم غسلنه" في رواية الإِسماعيليّ قالت: نقضته، والظاهر أن القائلة أم عطية، ولعبد الرزاق عن أيوب في هذا الحديث "فقلت نقضته فغسلته فجعلته ثلاثة قرون، قالت: نعم" والمراد بالرأس شعر الرأس، فهو من مجاز المجاورة، وفائدة النقض تبليغُ الماء البشرةَ، وتنظيفُ الشعرِ من الأوساخ.
ولمسلم عن أيوب عن حفصة عن أم عطية "مشطناها ثلاثة قرون" وهو بتخفيف المعجمة، أي سرّحناها بالمِشْط، وفي حجة للشافعيّ ومن وافقه على استحباب تسريح الشعر، واعتل من كرهه بتقطيع الشعر، والرفق يُؤْمَنُ معه ذلك. وقوله: ثم جعلنه ثلاثة قرون، استدل به على ضفر شعر الميت خلافًا لمن منعه، فقال ابن القاسم: لا أعرف الضفر، بل يُكَفُّ، وقال الأوزاعي والحنفية: يرسل شعر المرأة خلفها وعلى وجهها.
قال القرطبيّ: وكان سبب الخلاف أن الذي فعلته أم عطية هل استندت فيه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيكون مرفوعًا، أو هو شيء رأته ففعلته استحسانًا؟ كلا الأمرين محتمل، لكن الأصل أن لا يفعل