إذا أراد بالصاحب زيد المذكور، وهذا كله بناء على صحة هذا السياق، والذي يغلب عندي أنه وقع فيه تحريف، والصواب فارتحل الناس ثم طاف بالبيت، إلى آخره، وكذا وقع عند أبي داود، عن أبي بكر الحنفي عن أفلح بلفظ: فأذن في أصحابه بالرحيل، فارتحل فمر بالبيت قبل صلاة الصبح، فطاف به حين خرج، ثم انصرف متوجهًا إلى المدينة، وفي رواية مسلم: فأذن في أصحابه بالرحيل، فخرج فمر بالبيت، فطاف به قبل صلاة الصبح، ثم خرج إلى المدينة، وقد أخرجه البخاري من هذا الوجه بلفظ: فارتحل الناس، فمر متوجهًا إلى المدينة أخرجه في باب {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} وقال عياض: في حديث الباب من الإشكال قوله: فمر بالبيت، فطاف بعد أن قال لعائشة:"أفرغت"؟ قالت: نعم، مع قولها في الرواية الأخرى: إنه توجه لطواف الوداع، وهي راجعة إلى المنزل الذي كان به، قال: فيحتمل أنه أعاد طواف الوداع؛ لأن منزله كان بالأبطح، وهو بأعلى مكة، وخروجه من مكة إنما كان من أسفلها، فكأنه لما توجه طالبًا للمدينة اجتاز بالمسجد، ليخرج من أسفل مكة، فكرر الطواف ليكون آخر عهده بالبيت، قال في "الفتح": والقاضي في هذا مغدور لأنه لم يشاهد تلك الأماكن، فظن أن الذي يقصد الخروج إلى المدينة من أسفل مكة يتحتم عليه المرور بالمسجد، وليس كذلك كما شاهده من عاينه، بل الراحل من منزله بالأبطح، يمر مجتازًا من ظاهر مكة إلى حيث مقصده من جهة المدينة، ولا يحتاج إلى المرور بالمسجد، ولا يدخل إلى البلد أصلًا، قلت: ما اعترض به على القاضي عياض لا اعتراض به عليه، لأن القاضي عياض أراد من أراد أن يخرج من أسفل مكة من كُدى بالضم، وما ذكره في الفتح في حق الخارج من كداء بالفتح، وأما من أراد الخروج من أسفل مكة، وهو بالأبطح، فلا بدَّ له من المرور بالمسجد.
وهذا الحديث مرَّ الكلام عليه في باب {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} والباب الذي بعده.
وقوله:"موجهًا" بضم الميم وفتح الواو وتشديد الجيم المكسورة، وفي رواية ابن عساكر: متوجها بزيادة تاء وبكسر الجيم.
رجاله أربعة قد مرّوا: مرَّ أبو نعيم في الخامس والأربعين من الإيمان، ومرَّ أفلح بن حميد في الرابع عشر من الغسل، ومرَّ عبد الرحمن في الرابع منه، والقاسم في الحادي عشر منه، وعائشة في الثاني من بدء الوحي.