الكي في الوجه أبشع وأشهر، وفي الظهر والجنب أوجع وآلم. وقال البيضاويّ: خص الجنب والجبين والظهر لأنه جمع المال ولم يصرفه في حقه لتحصيل الجاه والتنعم بالمطاعم والملابس، أو لأنه أعرض عن الفقير، وولاه ظهره، أو لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة، لاشتمالها على الأعضاء الرئيسة. وقيل: المراد بها الجهات الأربع التي هي مقدم البدن ومؤخره وجنباه، نسأل الله تعالى العافية والسلامة.
وقد أخرج مسلم من رواية زيد بن أسلم:"ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائحٍ من نارٍ، فأُحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره". وروى ابن أبي حاتم مرفوعًا "ما من رجل يموت، وعنده أحمر أو أبيض، إلا جعل الله بكل صحيفة من نار تكوى بها قدمه إلى ذقنه".
وروي أنه لا يوضع دنيار على دينار، ولكن يوسع جلده حتى يوضع كل درهم في موضع على حدة. وقوله:{فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} أي: كنزكم، أو ما تكنزونه، فما مصدرية أو موصولة، وأكثر السلف أن الآية عامة للمسلمين وأهل الكتاب. وفي سياق المؤلف لها تلميح إلى تقوية ذلك،
خلافًا لمن زعم أنها خاصة بالكفار، والوعيد المذكور في كل ما لم تُؤَد زكاته، ففي حديث عمر:"أيما مال أُدِّيت زكاته، فليس بكنز، وإن كان مدفونًا في الأرض، وأيما مالٍ لم تُؤَد زكاته، فهو كنز مكويٌّ به صاحبه، وإن كان على وجه الأرض".
قوله: "تأتي الإبل على صاحبها" يعني يوم القيامة، وقوله: "على خير ما كانت" أي: من العِظَم والسِّمَن والكثرة؛ لأنها تكون عنده على حالات مختلفة، فتأتي أكملها, ليكون ذلك أنكىِ له، لشدة ثقلها. وقوله: "إذا هو لم يعطِ فيها حقها" أي: لم يؤد زكاتها. وقد رواه مسلم عن أبي ذَرٍّ بهذا اللفظ. وقوله: "تطأه بأخفافها" بألف من غير واو، وكذا هو عند بعض النحويين، لشذوذ هذا الفعل من بين نظائره في التعدي؛ لأن الفعل إذا كان فاؤه واوًا، وكان على فَعِل، مكسور العين،