وقوله فيوافقها زيادة بيان، وإلا فالجزاء مُترَتِّب على قيام ليلة القدر. ولا يصدق قيامها إلا على من وافقها.
والحَصْر المُستفاد من النَّفْي والإثبات مستفاد من الشرط والجزاء.
فوضح أن ذلك من تَصرُّف الرواة بالمعنى، لأن مُخرِّج الحديث واحد.
وقوله يَقُم بفتح الياء وضم القاف، من قام يقوم وقع هنا متعديا. ويدل له حديث الشيخين مرفوعًا "مَن قامه إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه" وليلة نصب مفعول به لا فيه، وفي الحديث دلالة على جعل الأعمال إيمانًا لأنه جعل القيام إيمانًا.
[رجاله خمسة]
الأول: أبو اليمان والثاني شُعيب بن أبي حمزة، وقد مرّا في السابع من بدء الوحي ومرّ أبو الزّناد والأعرج في السابع من كتاب الإِيمان ومرّ أبو هريرة في الثاني منه.
لطائف إسناده: منها أن فيه التَّحديث والعنعنة، ورجاله ما بين حُمصيّ ومَدنيّ، أخرجه البخاريّ هنا، وفي الصيام مطولًا. وأخرجه مسلم بغير هذا اللفظ، وأبو داود والتِّرمذيّ والنّسائي والموطأ بلفظ آخر.
ثم قال المصنف:
باب الجهاد من الإِيمان
أي شُعبة من شُعبه. وباب بالتنوين. أورد هذا الباب بين قيام ليلة القدر وبين قيام رمضان وصيامه. فأما مناسبة إيراده معها في الجملة فواضح لاشتراكها في كونها من خصال الإِيمان، وأما إيراده بين هذين البابين مع أن تعلُّق أحدهما بالآخر ظاهر، فلِنُكتةٍ، وهي أن التماس ليلة القدر يستدعي محافظة زائدة، ومجاهدة تامة، ومع ذلك، فقد يوافقها أو لا، وكذلك المجاهد يلتمس الشهادة، ويقصد إعلاء كلمة الله تعالى، وقد