حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلاَمِهِ صَدَقَةٌ.
أورد حديث أبي هُريرة بلفظ الترجمتين مجموعًا من طريقين، لكن الأُولى بلفظ "غلامه" بدل "عبده". قال ابن رشيد: أراد بذلك الجنس في الفرس والعبد، لا الفرد الواحد، إذ لا خلاف في العبد المتصرف، والفرس المعد للركوب، ولا خلاف أيضًا أنها لا تؤخذ من الرقاب، وإنما قال بعض الكوفيين: يؤخذ منها بالقيمة، والخلاف في ذلك عن أبي حنيفة إذا كانت الخيل ذكرانًا وإناثًا تراد للنسل، فإذا انفردت الإناث أو الذكران، فعنه روايتان، وفي المحيط المشهور عدم الوجوب فيهما، وعنده أن المالك يتخير بين أن يخرج عن كل فرس دينارًا أو يقوَّم. ويخرج رُبع العُشر إذا بلغت قيمتها مئتي درهم.
واستدل عليه بهذا الحديث. وأجيب يحمل النفي فيه على الرقبة لا على القيمة. واستدل عليه أيضًا بما أخرجه أبو داود وغيره بإسناد حسن عن عليّ رضي الله تعالى عنه مرفوعًا "عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة" والأحاديث الدالة على عدم الوجوب كثيرة جدًا، وتعلق أبو حنيفة بما في حديث أبي هريرة عند مسلم. وأما التي هي له ستر، فالرجل يتخذها تكرمًا وتجملًا، ولا ينسى حق ظهورها وبطونها في عُسرها ويسرها الحديث، فتعلق في إيجاب زكاة الخيل بهذا قائلًا: إن في هذا دليلًا على أن لله فيها حقًا، وهو كحقه في سائر الأموال التي تجب فيها الزكاة. وأجيب بأن المراد بالحق إعارتها وحمل المنفطعين عليها. فيكون ذلك على وجه الندب، أو يجاب بأن ذلك كان واجباً ثم نسخ، بدليل قوله:{قد عفوت عنكم صدقة الخيل} إذ العفو لا يكرن إلا عن شيء لازم.
واستدَلَ بهذا الحديث مَنْ قال من أهل الظاهر بعدم وجوب الزكاة فيهما مطلقًا، ولو كانا للتجارة، وأجيب بأن زكاة التجارة واجبة بالإجماع، كما قال ابن المنذر وغيره، فيخص به عموم الحديث.