المساجدَ، وبيوتُهُنَّ خيرٌ لهنَّ". ولأحمد والطبراني عن "أُم حميد الساعدية أنها جاءتْ إلى رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسولَ اللهِ إني أحب الصلاةَ معكَ قال: قد علمتُ، وصلاتُكِ في بيتِكِ خيرٌ لك من صلاتِكِ في حجرتِكِ، وصلاتُكِ في حجرتِكِ خيرٌ لكِ من صلاتِكِ في دارِكِ، وصلاتُكِ في دارِكِ خيرٌ لكِ من صلاتِكِ في مسجدِ قومِكِ، وصلاتُكِ في مسجدِ قومِكِ خيرٌ لكِ من صلاتِكِ في مسجدِ الجماعةِ". وله شاهد من حديث ابن مسعود عند أبي داود، وقال ابن مسعود: "والمرأةُ عورةٌ وأقربُ ما تكونُ إلى اللهِ في قعرِ بيتِها، فإذا خرجتْ استشرفَها الشيطانُ". وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- يقوم بحصب النساء يوم الجمعة يخرجهن من المسجد. وقال أبو عمرو الشيباني: "سمعت ابنَ مسعودٍ حلفَ فبالغَ في اليمين ما صلّتْ امرأةٌ صلاةً أحبَ إلى اللهِ تعالى من صلاتِها في بيتها إلا في حجةٍ أو عمرة إلا امرأةً قدَ يئستْ مِنَ البعولةِ". وكان إبراهيم يمنع نساءه الجمعة والجماعة. وسئل الحسن البصري عن امرأة حلفت إن خرج زوجها من السجن أن تصلي في كل مسجد تجمع فيه الصلاة بالبصرة ركعتين. فقال الحسن: تصلي في مسجد قومها؛ لأنها لا تطيق ذلك لو أدركها عمر -رضي الله تعالى عنه- لأوجع رأسها ووجه كون صلاتها في الإخفاء أفضل تحقق الأمن فيه من الفتنة. ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة.
ومن ثم قالت عائشة ما قالت في هذا الحديث، وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقًا، وفيه نظر إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم؛ لأنها علقته على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته، فقالت: "لو رأى لمنع" فيقال لم ير ولم يمنع فاستمر الحكم حتى إن عائشة لم تصرح بالمنع وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع، وأيضًا فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن مما أوحى إلى نبيّه بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد لكان منعهن من غيرها كالأسواق أولى، وأيضًا فالإحداث إنما وقع من بعض النساء لا من جميعهن، فإن تعيّن المنع فليكن لمن أحدثت والأولى أن ينظر إلى ما يخشى منه الفساد فيجتنب لإشارته -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بمنع التطيب والزينة، وكذلك التقييد بالليل. قلت: قوله: "فليكن لمن أحدثت" غير لازم؛ لأن نساء بني إسرائيل لم يثبت في حديث أنهن فعلن جميعًا، ومع ذلك عمهن المنع وإنما عم المنع سدًّا لذريعة الفساد، وقد مرّ الكلام مستوفىً على خروج النساء في الأعياد وإلى المساجد في باب (شهود الحائض العيدين) من كتاب الحيض فليراجع. وذكر العيني هنا أُمورًا كثيرة مما أحدثته نساء مصر في زمانه، ولو حضر هذا الزمان ورأى ما أحدثن في مصر وغيرها من المناكر لعد تلك المناكر الموجودة في زمنه معروفًا. وفي الحديث الصحيح عند البخاري ما من يوم إلا والذي بعده شرّ منه
[رجاله خمسة]
مرّ ذكر محلهم في الذي قبله بحديث. أخرجه مسلم في "الصلاة" وكذا أبو داود. ثم قال المصنف: