للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا لا حجة فيه لضعف إسناده إلا أن نسبة ابن عباس إلى التفرد بذلك خطأ، وقد ذهب سعيد بن المسيب إلى أنه لا يجتنب شيئًا مما يجتنبه المحرم إلا الجماع ليلة جمع رواه ابن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح.

نعم، جاء عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على خلاف ما قال ابن عباس ففي نسخة أبي اليمان عن شعيب عنه وأخرجه البيهقي من طريقه قال: أول من كشف العمى عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة، فذكر الحديث عن عروة عنها قال: فلما بلغ الناس قول عائشة أخذوا به وتركوا فتوى ابن عباس، وذكر جماعة من فقهاء الفتوى أن من أراد النسك صار بمجرد تقليده الهدي محرمًا حكاه ابن المنذر عن الثوري، وأحمد وإسحاق قال: وقال أصحاب الرأي من ساق الهدي وأمَّ البيت ثم قلد وجب عليه الإحرام. قال: وقال الجمهور: لا يصير بتقليد الهدي محرمًا ولا يجب عليه شيء، ونقل الخطابي عن أصحاب الرأي مثل قول ابن عباس وهو خطأ عليهم فالطحاوي أعلم بهم منه، ولعل الخطابي ظن التسوية بين المسألتين.

وقوله: بيدي تقدم أن فيه رفع مجاز أن تكون أرادت أنها فتلت بأمرها.

وقوله: مع أبي بفتح الهمزة وكسر الموحدة الخفيفة تريد بذلك أباها أبا بكر الصديق واستفيد من ذلك وقت البعث وأنه كان في سنة تسع عام حج أبي بكر بالناس قال ابن التين: أرادت عائشة بذلك علمها بجميع القصة، ويحتمل أن تريد أنه آخر فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه حج حجة الوداع في العام الذي يليه لئلا يظن ظان أنَّ ذلك كان في أول الإِسلام، ثم نسخ فأرادت إزالة هذا اللبس، وأكملت ذلك بقولها فلم يحرم عليه شيء كان حلاله حتى نحر الهدي وانقضى أمره وترك إحرامه بعد ذلك أحرى وأولى؛ لأنه إذا انتفى في وقت الشبهةِ فلأن ينتفي عند انتفاء الشبهة أولى وحاصل اعتراض عائشة على ابن عباس أنه ذهب إلى ما أفتى به قياسًا للتولية في أمر الهدي على المباشرة له فبينت عائشة أن هذا القياس لا اعتبار له في مقابلة هذه السنة الظاهرة، وفي الحديث من الفوائد تناول الكبير الشيء بنفسه، وإن كان له من يكفيه إذا كان مما يهتم به ولاسيما ما كان من إقامة الشرائع وأمور الديانة، وفيه تعقب بعض العلماء على بعض، ورد الاجتهاد بالنص، وأن الأصل في أفعاله عليه الصلاة والسلام التأسي به حتى تثبت الخصوصية.

[رجاله ستة]

وفيه ذكر أبي بكر وقد مرَّ الجميع: مرَّ عبد الله بن يوسف، ومالك، وعائشة، في الثاني من بدء الوحي، ومرَّ عبد الله بن أبي بكر بن حزم في الرابع والعشرين من الوضوء، ومرَّ أبو بكر بعد الحادي والسبعين منه في باب من لم يتوضأ من لحم الشاة، ومرت عمرة بنت عبد الرحمن في الثاني والثلاثين من الحيض. وفي الحديث ذكر زياد بن أبي سفيان ولد على

<<  <  ج: ص:  >  >>