فراش عبيد مولى ثقيف، وأمه سمية جارية الحارث بن كلدة، وكانت تحت عبيد هذا، وكان يقال له قبل استلحاق معاوية له: زياد بن عبيد وبعد استلحاقه له صار يقال له: زياد بن أبي سفيان، ولما انقضت الدولة الأموية صار يقال له زياد بن أبيه، وزياد بن سمية وكنيته أبو المغيرة، واختلف في وقت مولده فقيل: ولد عام الفتح، وقيل: قبل الهجرة، وقيل: ولد يوم بدر ليست له صحبة ولا رواية، وكان رجلًا عاقلاً في دنياه داهية خطيبًا له قدر وجلالة عند أهل الدنيا. وروى أنه وفد على عمر من عند أبي موسى، وكان كاتبه، ومقتضى ذلك أن يكون له إدراك، وجزم ابن عساكر بأنه أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره وأنه أسلم في عهد أبي بكر وسمع من عمر.
وقال العجلي: تابعي ولم يكن يتهم بالكذب، وقال يونس بن حبيب: يزعم آل زياد أنه دخل على عمر وله سبع عشرة سنة، وأخبرني زياد بن عثمان أنه كان له في الهجرة عشر سنين، وكانت أمه من البغايا بالطائف، قال أبو عثمان النهدي: اشترى زياد أباه عبيدًا بألف درهم فاعتقه فكنا نغبطه بذلك واستكتبه أبو موسى واستعمله على شيء من أعمال البصرة فأقره عمر، ولما شهد على المغيرة مع أخيه أبي بكرة ونافع وشبل بن معبد وحدَّهم عمر ثلاثتهم دونه إذ لم يقطع الشهادة زياد وقطعوها عزله فقال له زياد: يا أمير المؤمنين: أخبر الناس أنك لم تعزلني لخزية، وقال بعض أهل الأخبار: إنه قال له: ما عزلتك لخزية، ولكني كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك! ثم صار زياد مع علي رضي الله تعالى عنه، واستعمله على فارس فضبط البلاد وحمى وجبى، وأصلح الفساد ولم يزل مع علي إلى أن قتل رحمه الله تعالى وانخلع الحسن لمعاوية، وقد كان معاوية كاتبه يروم إفساده على علي فلم يفعل ووجه بكتابه إلى علي، وكتب إليه علي رضي الله تعالى عنه: إنما وليتك ما وليتك وأنت أهل لذلك عندي، ولن تدرك ما تريد مما أنت فيه إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر لا تستحق بها نسبًا ولا إرثًا، وأن معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه فاحذره، ثم احذره، ولما قرأ زياد الكتاب قال: شهد لي أبو الحسن ورب الكعبة فذلك الذي جرأ زيادًا ومعاوية على ما صنعا، ولما تم الأمر لمعاوية استلحقه، وكان استلحاقه له سنة أربع وأربعين، وشهد بذلك زياد بن أسماء الحرماني، ومالك بن ربيعة السلولي والمنذر بن الزبير وجويرة بنت أبي سفيان والمسور بن قدامة الباهلي وابن أبي نصر الثقفي وزيد بن نفيل الأزدي وشعبة بن العلقم المازني، ورجل من بني عمرو بن شيبان ورجل من بني المصطلق شهدوا كلهم على أبي سفيان أن زيادًا ابنه إلا المنذر فشهد أنه سمع عليًا يقول: أشهد أن أبا سفيان قال ذلك، فخطب معاوية فاستلحقه فتكلم زياد فقال: إن كان ما شهد به الشهود حقًّا فالحمد لله، وإن يكن باطلًا فقد جعلتهم بيني وبين الله تعالى، وروي عن ابن عباس أنه قال: بعث عمر بن الخطاب زيادًا في إصلاح فساد وقع باليمن فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع