أي: اجزاؤه، وكأنّ البخاريّ أراد بتفريق هذه التراجم الإِشارة إلى ترجيح التخيير في هذه الأنواع، إلا أنه لم يذكر الأقط، وهو ثابت في حديث أبي سعيد كما مرَّ، وكأنه لا يراه مُجزئًا في حال وجدان غيره، كقول أحمد. وحملوا الحديث على أن من كان يخرجه كان قوته إذ ذاك، أو لم يقدر على غيره. والحديث يخالفه، وقد مرّ الكلام عليه في الذي قبله بحديث.
وهذا الحديث قد مرت مباحثه مستوفاة عند أول ذكره في باب "صدقة الفطر صاع من شعير" إلا قوله "فلما جاء معاوية .. " الخ. وزاد مسلم في روايته "فلم يزل يخرجه حتى قدم معاوية حاجًا أو معتمرًا، فكلم الناس على المنبر" زاد ابن خُزيمة: وهو يومئذ خليفة. وقوله: وجاءت السمراء، وهو القمح الشاميّ. وقوله: يعدل مُدين، في رواية مسلم: أرى مُدّين من سمراء الشام تعدل صاعًا من تمر. وزاد: قال أبو سعيد: أما أنا فلا أزال أخرجه أبدًا ما عشت. وفي رواية: فأنكر ذلك. وقال: لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. ولأبي داود من هذا الوجه: لا أخرج أبدًا إلا صاعًا. وقد تقدم ذكر هذه الرواية وما فيها في باب "صدقة الفطر صاع من شعير". ولابن خزيمة، وكان ذلك أول ما ذكر الناس المُدَّين، وهذا يدل على وهن ما تقدم عن عمر وعثمان، إلا أن يحمل على أنه كان لم يطلع على ذلك من قصتهما.
قال النوويّ: تمسك بقول معاوية من قال بالمدّين من الحنطة، وفيه نظر، لأنه فعل صحابيّ، قد خالفه فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة، ممن هو أطول صحبة منه، وأعلم بحال النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد صرح معاوية بأنه رأيٌ رآه، لا أنه سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-. وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة