وهذه الترجمة وقعت في رواية المستملي والكشميهنيّ وابن شَبّويه، وعلى هذا فتخلو الترجمة التي قبل هذا من الحديث، وتكون هذه كالتي قبلها في الاقتصار على الآية، لكن تزيد عليها بالإشارة إلى لفظ الحديث الذي في الترجمة، والترجمة ان كان "باب" بغير تنوين، فالجملة خبر المبتدأ، والتقدير هذا بابُ فضلِ الصدقة من كَسْبٍ طيب، وإن كان منونًا فما بعده مبتدأ، والخبر محذوف تقديره الصدقةُ من كسب طيب مقبولةٌ، أو يكثر الله ثوابها.
ومناسبة هذا الحديث لهذه الترجمة ظاهرة، ومناسبته للتي قبلها من جهة مفهوم المخالفة؛ لأنه دل بمنطوقه على أن الله تعالى لا يقبل إلا ما كان من كسب طيب، فمفهومه أن ما ليس بطيب لا يُقبل؟ والغُلول فرد من أفراد غير الطيب. فلا يقبل، ومعنى الكسب المكسوب. والمراد به ما هو أعم من تعاطي التكسب، أو حصول المكسوب بغير تعاطٍ، كالميراث، وكأنه ذكر الكسب لكونه الغالب في تحصيل المال، والمراد بالطيب الحلال؛ لأنه صفة الكسب.
قال القرطبيّ: أصل الطيب المستلَذّ بالطبع، ثم أطلق على المُطْلَق بالشرع، وهو الحلال وأما قول المصنف: لقوله: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} بعد الصدقة من كسب طيب، فقد اعترضه ابن التين وغيره، بأن تكثير أجر الصدقة ليس علة لكون الصدقة من كسب طيب، بل الأمر على عكس ذلك، فإن الصدقة من الكسب الطيب سبب لتكثير الأجر.
قال ابن التين: وكان الأبين أن يَستدل بقوله تعالى: {نْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} وقال ابن بطال: لما كانت الآية مشتملة على أن الربى يمحقه الله؛ لأنه حرام، دل ذلك على أن الصدقة التي