مقصود منه، لا يقال كان ينبغي أن يقتصر على قوله "ولا تعسروا""ولا تنفروا" لعموم النكرة في سياق النفي، يعني الفعل المتنزل منزلتها، ينفي مصدره المنكر، لأنه لا يلزم من عدم التعسير ثبوت التيسير، ولا من عدم التنفير ثبوت التبشير، فجمع بين هذه الألفاظ لثبوت هذه المعاني، لاسيما والمقام مقام إطناب.
وفي قوله "بشروا" بعد "يسروا" الجناس الخطي. وفي الحديث الأمر للوُلاة بالرِّفق، وهو من جوامع الكلم، لاشتماله على خَيرْي الدنيا والآخرة، لأن الدنيا دار الأعمال، والأخرى دار الجزاء. فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيما يتعلق بالدنيا بالتسهيل، وفيما يتعلق بالآخرة بالوعد بالخير، والإِخبار بالسرور، تحقيقًا لكونه رحمة للعالمين في الدارين.
[رجاله خمسة]
الأول: محمد بن بشّار، بفتح الباء وتشديد الشين، ابن عثمان بن داود ابن كَيْسان، أبو بكر الحافظ العَبديّ البَصرْي، بُندار، بضم الباء وسكون النون وفتح الدال المهملة، لقِّب به لأنه كان بُندار الحديث، جمع حديث بلده. وبُندار، في الأصل، من في يده القانون، وهو أصل ديوان الخَرَاج، فلذلك سمي هو به، لأنه يؤول إلى معنى الحفظ. قال محمد إسحاق بن خُزَيْمة: حدثنا محمد بن بشّار الإِمام بُندار. وقال العَجليّ: بصري ثقة كثير الحديث، وكان حائكًا. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال النّسائي: صالح لا بأس به. وقال عبد الله بن محمد بن يونس السَّخْتيانيّ: كان أهل البصرة يقدّمون أبا موسى على بُندار، وكان الغرباء يقدمون بُندارًا. وقال محمد بن المُسيّب: سمعته يقول: كتب عني خمسة قرون، وسألوني عن الحديث، وأنا ابن ثمان عشرة سنة. وقال ابن خُزيمة: سمعتُ بُندارًا يقول: اختلفتُ إلى يحيى بن سعيد القطّان أكثر من عشرين سنة، قال بندار: ولو عاش يحيى بعد تلك المدة لكنت أسمع منه شيئًا كثيرًا.
وقال أبو داود: كتبت عن بُندار نحوًا من خمسين ألف حديث، وكتبت