قوله:"أسرع ناقته" ليس بصحيح، الصواب أسرع بناقته يعني أنه لا يتعدى بنفسه وإنما يتعدى بالباء، وفيما قاله نظر، فقد حكى صاحب المحكم أن أسرع يتعدى بنفسه ويتعدى بحرف الجر وقال الكرماني: قول البخاري: أسرع ناقته أصله أسرع بناقته فنصب بنزع الخافض.
[الحديث الثامن والعشرون]
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَأَبْصَرَ دَرَجَاتِ الْمَدِينَةِ أَوْضَعَ نَاقَتَهُ، وَإِنْ كَانَتْ دَابَّةً حَرَّكَهَا".
قوله:"فأبصر درجات" بفتح المهملة، والراء بعدها جيم جمع درجة كذا للأكثر، والمراد طرقها المرتفعة وللمستملي دوحات المدينة بفتح المهملة وسكون الواو، بعدها مهملة، جمع دوحة وهي الشجرة العظيمة، وفي رواية إسماعيل بن جعفر عن حميد جُدُرات بضم الجيم والدال كما وقع في هذا الباب، وهو جمع جدر بضمتين جمع جدار وله من رواية أبي ضمرة عن حميد بلفظ حيدر وقد رواه الإسماعيلي بلفظ جدران بسكون الدال وآخره نون، جمع جدار قال صاحب المطالع: جدرات أرجح من دوحات ودرجات وهي رواية الترمذي من طريق إسماعيل بن جعفر.
وقوله:"أوضع" أي أسرع السير.
رجاله أربعة قد مرّوا: مرَّ سعيد بن أبي مريم في الأربعين من العلم، ومرَّ محمد بن جعفر في التاسع من الحيض، ومرَّ حميد الطويل في الثاني والأربعين منه، ومرَّ أنس في السادس منه.
ثم قال: قال أبو عبد الله: زاد الحارث بن عمير عن حميد حركها من حبها.
وقوله:"من حبها" يتعلق بقوله: "حركها" أي حرك دابته بسبب حبه المدينة، ورواية الحارث هذه وصلها أحمد عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدرات