وقوله:"ومن تولى قومًا بغير إذن مواليه" لم يجعل الإذن شرطًا لجواز الادعاء، وإنما هو لتأكيد التحريم؛ لأنه إذا استأذنهم في ذلك منعوه، وحالوا بينه وبين ذلك، قاله الخطابي، ويحتمل أن يكن كنى بذلك عن بيعه، فإذا وقع بيعه جاز له الانتماء إلى مولاه الثاني، وهو غير مولاه الأول، أو المراد موالاة الحلف فإذا أراد الانتقال عنه لا ينتقل إلا بإذن، وقال البيضاوي: الظاهر أنه أراد به ولاء العتق لعطفه على قوله: من ادعى إلى غير أبيه، والجمع بينها بالوعيد، فإن العتق من حيث أنه لحمة كلمة النسب فإذا نسب إلى غير من هو له، كان كالدعي الذي تبرأ عمن هو منه، وألحق نفسه بغيره، فيستحق به الدعاء عليه بالطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، ثم أجاب عن الإذن بنحو ما تقدم، وقال: ليس هو للتقييد وإنما هو للتنبيه على ما هو المانع، وهو إبطال حق مواليه فأورد الكلام على ما هو الغالب، وقد رتب المصنف أحاديث الباب ترتيبًا حسنًا، ففي حديث أنس التصريح يكون المدينة حرمًا، وفي حديثه الثاني تخصيص النهي عن قطع الشجر، بما لا ينبته الآدميون، وفي حديث أبي هريرة بيان ما أجمل من حرمها في حديث أنس حيث قال: كذا وكذا، فبين بهذا أنه ما بين الحرتين، وفي حديث على زيادة تأكيد التحريم، وبيان حد الحرم أيضًا.
[رجاله ستة]
مرَّ منهم: محمد بن بشار في الحادي عشر من العلم، ومرَّ عبد الرحمن بن مهدي في الأول من استقبال القبلة، ومرَّ الثوري في السابع والعشرين من الإيمان، ومرَّ الأعمش في الخامس والعشرين منه، ومرَّ إبراهيم بن يزيد التيمي في تعليق بعد الأربعين منه في باب خوف المؤمن من أن يحبط عمله، ومرَّ عليّ بن أبي طالب في السابع والأربعين من العلم.
والباقي: يزيد بن شريك بن طارق التيمي الكوفي، قال يحيى بن معين: ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد: كان ثقة، وكان عريف قومه، وله أحاديث، وقال أبو موسى المديني في الذيل: يقال إنه أدرك الجاهلية، روى عن عمر وعليّ وأبي ذر وغيرهم، وروى عنه ابنه إبراهيم، وإبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة وغيرهم.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والعنعنة، ورواته بصريان وكوفيون، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق.