بنت جَحش، وكانت أول نسائه لُحوقًا به. وقد مرَّ تعريفها في الجنائز أن موتها كانت سنة عشرين، وروى ابن سعد عن بَرْزَة بنت رافع قالت: لما خرج العطاء أرسل عمر إلى زينب بنت جَحش بالذي لها، فتعجبت، وسترته بثوب، وأمرت بتفرقته، إلى أن كشف الثوب، فوجدت تحته خمسة وثمانين درهمًا، ثم قالت: اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا، فماتت، فكانت أوّل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لُحوقًا به.
وروى ابن أبي خيثمة عن القاسم بن مَعْن قال: كانت زينب أوّل نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لُحُوقًا به، فهذه روايات يعضِّد بعضها بعضًا، ويحصل من مجموعها أن في رواية أبي عوانة وهمًا كما مرَّ.
وفي الحديث علم من أعلام النبوءة ظاهر، وفيه جواز إطلاق اللفظ المشترك بين الحقيقة والمجاز بغير قرينة، وهو لفظ "أطولكن" إذا لم يكن محذورٌ قال الزين بن المنير: لما كان السؤال عن آجالٍ مقدرة لا تُعلم إلا بالوحي، أجابهنّ بلفظ غير صريح، وأحالهن على ما لا يتبين إلا باخره، وساغ ذلك لكونه ليس من الأحكام التكليفية. وفيه أنّ مَنْ حمل الكلام على ظاهره وحقيقته لم يُلَم، وإن كان مراد المتكلم مجازه؛ لأن نسوة النبي -صلى الله عليه وسلم- حملن طُول اليد على الحقيقة، ولم ينكر عليهن.
وأما ما رواه الطبراني في الأوسط عن ميمونة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهنّ:"ليس ذلك أعني، إنما أعني أصنعن يدًا" فهو ضعيف جدًا، ولو كان ثابتًا لم يحتجن بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذرع أيديهنّ كما مرَّ. وقال المهلب: في الحديث دلالة على أن الحكم للمعاني لا للألفاظ؛ لأن النسوة فهمن من طول اليد الجارحة، وإنما أراد بالطول كثرة الصدقة، وما قاله لا يمكن اطِّراده في جميع الأحوال.
[رجاله ستة]
وفيه بعض مبهمٌ. وذكره سودة، وقد مرَّ الجميع إلا فراس، مرَّ موسى بن إسماعيل وأبو عُوانة في الخامس من بدء الوحي، ومرّت عائشة في الثاني منه، ومرَّ الشعبيّ في الثالث من الإيمان، ومرّ مسروق في السابع والعشرين منه، ومرّت سودة في الثاني عشر من الوضوء والبعض المبهم عائشة.
وفِراس، بكسر الفاء، وابن يحيى الهمدانيّ الخارفيّ، أبو يحيى الكوفي المكَتَّب، وثّقه أحمد وابن مُعين والنَّسائيّ وابن عمّار وآخرون. وقال يعقوب بن شَيبة: ثقة، في حديثه لِين. وقال يحيى القطّان: ما أنكرت من حديثه إلاّ حديث الاستبراء. قال في المقدمة: كفى بها شهادة من مثل ابن القطان. وقد احتج به الجميع، وحديثه في الاستبراء لم يخرجه الشيخان روى عن الشعبيّ وأبي صالح السمَّان وعطية العَوفيّ وغيرهم. وروى عنه منصور بن المعتمر، وهو من أقرانه، وشُعيب وشيبان وغيرهم. مات سنة تسع وعشرين ومئة.