للسجود؛ لأن الفرق بينهما واجب على المتمكن، ولو عجز عن السجود إلاّ أن يسجد بمقدم رأسه أو صدغه، وكان بذلك أقرب إلى أرض وجب؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، فإن عجز عن ذلك أيضًا أومأ برأسه والسجود أخفض من الركوع، واستدل بالحديث مَنْ قال: لا ينتقل المريض بعد عجزه عن الاستلقاء إلى حالة أخرى، كالإشارة بالرأس ثم الإيماء بالطرف ثم إجراء القرآن والذكر على اللسان ثم على القلب لكون جميع ذلك لم يذكر في الحديث، وهو قول الحنفية، وبعض الشافعية. وقال معظم المالكية والشافعية بهذا الترتيب المذكور، وجعلوا مناط الصلاة حصول العقل، فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها، فيأتي بما يستطيعه.
واستدل الغزالي على هذا بقوله عليه الصلاة والسلام:"إذا أمرتُكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتُم". وتعقبه الرافعي بأن الخبر أمر بالإتيان بما يشتمل عليه المأمور، والقعود لا يشتمل على القيام، وكذا ما بعده إلى آخر ما ذكر، وأجاب عنه ابن الصلاح بأنّا لا نقول أن الآتي بالقعود، آتٍ بما استطاعه من القيام مثلًا، ولكنا نقول: يكون آتيًا بما استطاعه من الصلاة؛ لأن المذكورات أنواع لجنس الصلاة، بعضها أدنى من بعض فإذا عجز عن الأعلى وأتى بالأدنى، كان آتيًا بما استطاع من الصلاة، وتعقب بأنّ كون هذه المذكورات من الصلاة فرع لمشروعية الصلاة بها، وهو محل نزاع. قال في "الفتح": قال ابن المنير: اتفق لبعض شيوخنا فرع غريب في النقل، كثير في الوقوع، وهو أن يعجز المريض عن التذكر ويقدرِ على الفعل، فألهمه الله أن يتخذ من يلقنه، فكان يقول أحرم بالصلاة قل الله أكبر، اقرأ الفاتحة قل الله أكبر للركوع إلى آخر الصلاة، يلقنه ذلك تلقينًا، وهو يفعل جميع ما يقول له بالنطق أو بالإيماء.
[رجاله ستة]
قد مرّوا، مرّ عبدان وابن المبارك في السادس من بدء الوحي، ومرّ إبراهيم بن طَهمان في التاسع والعشرين من الغسل، وحسين المُكتِب، هو المعلم وابن بريدة وعمران مرّ محلهم في الذي قبله بحديث. ثم قال المصنف: