كذا للأكثر، وللحمويّ والمستملي: طول الصلاة في قيام الليل، وحديث الباب موافق لهذا؛ لأنه دال على طول الصلاة لا على طول القيام بخصوصه، إلاَّ أن طول الصلاة يستلزم طول القيام؛ لأن غير القيام، كالركوع مثلًا، لا يكون أطول من القيام، كما عرف بالاستقراء من صنيعه عليه الصلاة والسلام، ففي حديث الكسوف:"فركع نحوًا من قيامه" وفي حديث حُذيفة الآتي ذكره قريبًا نحوه، ومضى حديث عائشة قريبًا أن السجدة تكون قريبًا من خمسين آية، ومن المعلوم في غير هذه الرواية أنه كان يقرأ بما يزيد على ذلك.
[الحديث السادس عشر]
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ. قُلْنَا وَمَا هَمَمْتَ قَالَ: هَمَمْتَ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-.
قوله:"بأمر سوء" بإضافة أمر إلى سوء، وفي الحديث دليل على اختيار النبي -صلى الله عليه وسلم-، تطويل صلاة الليل. وقد كان ابن مسعود قويًا محافظًا على الاقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده، وقد مرّ عند حديث عائشة، آخر حديث من أبواب التقصير، ما قيل من الخلاف في فضل طول القيام، أو كثرة السجود. وفي الحديث أن مخالفة الإِمام في أفعاله معدودة في العمل السيء، وفيه تنبيه على فائدة معرفة ما بينهم من الأحوال وغيرها؛ لأن أصحاب ابن مسعود ما عرفوا مراده من قوله:"هممت بأمر سوء" حتى استفهموه عنه، ولم ينكر عليهم استفهامهم عن ذلك. وقد قال الدارقطنيّ: أن سليمان بن حَرْب تَفَرَّد برواية هذا الحديث عن شُعبة، وإنما هو من الأفراد والمقيدة، فإن مسلمًا أخرجه من طريق أخرى عن الأعمش.
[رجاله خمسة]
قد مرّوا، مرّ سليمان بن حرب في الرابع عشر من الإيمان، وشعبة في الثالث منه، وسليمان الأعمش في الخامس والعشرين منه، ومرّ أبو وائل في الحادي والأربعين منه، وعبد الله بن مسعود في أول أثر منه.