وقال القرافي: ما ذهب إليه مالك أرجح, لأنه احتاط للصلاة، وهي مقصد، وألغى الشك في السبب المبرىء، وغيره احتاط للطهارة وهي وسيلة، وألغى الشك في الحدث الناقض لها، والاحتياط للمقاصد أولى من الاحتياط للوسائل.
قال في "الفتح": وجوابه أن ذلك من حيث النظر قويٌّ، لكنه مغاير لمدلول الحديث؛ لأنه أمر بعدم الانصراف إلى أن يتحقق.
قلت: يُجاب عنه بما مرَّ من أنه مشهور مذهب مالك من التفصيل بين الشك العارض في الصلاة والشك في غيرها، فيُخَصُّ عنده النقض بالشك في الحدث في غير الصلاة لما مرَّ من الحديث، وقد قال ابن حجر نفسه في "تلخيص الحبير": حديث أبي داود حجة لمالك كما مرَّ، وعند المالكية لو تيقن الحدث والطهر، وشك في السابق منهما، انتقض طهره. وفيه تفصيل عند الشافعية.
وقال الخطابي: يستدل بالحديث لمن أوجب الحد على مَنْ وُجِدَ منه ريح الخمر, لأنه اعتبر وجدان الريح ورتب عليه الحكم، ويكمن الفرق بأن الحدود تدرأ بالشبهات، والشبهة هنا قائمة، بخلاف الأول، فإنه متحقق، واستدل به بعضهم على أن لمس الدُّبر لاينقُضُ الوضوء، ورُدَّ بأن الصورة تحمل على لمس ما قاربه لا عينه.
[رجاله ستة]
الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المدينيّ، وقد مرّ تعريفه في الحديث الرابع عشر من كتاب العلم.
الثاني: سفيان بن عُيينة مرَّ في الحديث الأول من بَدْء الوحي.
ومرَّ تعريف الزُّهري في الحديث الثالث منه أيضًا.
ومرَّ تعريف سعيد بن المسيِّب في الحديث التاسع عشر من كتاب الإيمان.
الخامس: عَبّاد -بفتح العين المهملة، وتشديد الباء- ابن تميم بن زيد بن