قوله: عن عبد الله، عند الإسماعيليّ: حدثني عبد الله بن أبي قتادة، وقوله: إني لأقوم في الصلاة أريد، في رواية بِشْر بن بَكْر "لأقوم إلى الصلاة وأنا أريد". وقوله: أن أطوّل، أن مصدرية، أي أريد التطويل في الصلاة. وقوله: بكاء الصبي، البكاء إذا مددت أردت به الصوت الذي يكون معه، وإذا قصرت أردت خروج الدمع، وهاهنا ممدود لا محالة، بقرينة "فأسمع" إذ السماع لا يكون إلا في الصوت. وقوله: فأتجوّز، أي فأخفف. بيّن مُسْلِم في رواية ثابت عن أَنَس محل التخفيف، ولفظه "فيقرأ بالسورة القصيرة" وبيّن ابن أبي شَيْبَة عن عبد الرحمن بن ساباط مقدارها، ولفظه "أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قرأ في الركعة الأولى بسورة طويلة نحو ستين آية، فسمع بكاء الصبيّ، فقرأ في الثانية بثلاث آيات" وهذا مرسل.
وقوله: كراهية، بالنصب على التعليل، مضاف إلى أن المصدرية، واستدل بهذا الحديث على جواز إدخال الصبيان المساجد. وفيه نظر، لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفًا في بيت يقرب من المسجد بحيث يسمع بكاؤه، وعلى جواز صلاة النساء في الجماعة مع الرجال، وفيه شفقته صلى الله تعالى عليه وسلم على أصحابه، ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير. وقال ابن بَطّال: احتج به من قال يجوز للإمام إطالة الركوع إذا سمع بحس داخل ليدركه, وسبقه إلى ذلك الخَطّابيّ، ووجهه بأنه إذا جاز التخفيف لحاجة من حاجات الدنيا كان التطويل لحاجة من حاجات الدين أجوز، وتعقبه القُرْطُبِيّ بأن التطويل هنا زيادة عمل في الصلاة غير مطلوب، بخلاف التخفيف، فإنه مطلوب، وبأن الحكمة لا يعلل بها لخفائها، أو لعدم انضباطها، ولأنه لم يكن يدخل في الصلاة، يريد تقصير تلك الركعة. ثم يطيلها لأجل الآتي، وإنما كان يدخل فيها ليأتي بالصلاة على سننها من تطويل الأولى، فافترق الأصل والفرع، وامتنع الإلحاق.
وذكر البُخَاريّ في جزء القراءة أنه لم يرو عن أحد من السلف في انتظار الداخل في الركوع شيء. وقال ابن المُنِير: التخفيف نقيض التطويل، فكف يقاس عليه؟ قال: ثم إن فيه مغايرة للمطلوب, لأن فيه ادخال مشقة على جماعة لأجل واحد، ويمكن أن يقال: محل ذلك ما لم يشق