للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحديث السبعون]

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: ذُكِرَ لِي أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِمُعَاذٍ: "مَنْ لَقِيَ اللَّهَ لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ". قَالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ قَالَ: "لاَ، إِنِّى أَخَافُ أَنْ يَتَّكِلُوا".

قوله "ذكر لي" بضم الذال، مبني للمجهول، ولم يسمِّ أنس من ذكر له ذلك في جميع الطرق وهو غير قادح في صحة الحديث، لأن متنه ثابت من طريق أُخرى، وأيضًا، فأنس لا يروي إلا عن عدل صحابيّ أو غيره، فلا تضر الجهالة هنا، وكذلك جابر فيما مر له عند أحمد، لم يسمِّ من روى عنه حديث معاذ؛ لأن معاذًا إنما حدث به عند موته بالشام، وجابر وأنس إذ ذاك بالمدينة، فلم يشهداه. وقد حضر ذلك من مُعاذ عمرُو بن ميمون، كما عند المصنف، في الجهاد ورواه النسائِيّ عن عبد الرحمن بن سَمُرة الصحابي أنه سمع ذلك من معاذٍ أيضًا، فيحتمل أن يفسر المبهم بأحدهما، وعمرو بن ميمون يأتي تعريفه في الخامس والمئة من الوضوء، ويأتي تعريف عبد الرحمن بن سمرة في الثالث عشر من كتاب الصلح.

وقوله "من لقي الله" أي: من لقي الأجل الذي قدره الله، يعني الموت، أو المراد البعث، أو رؤية الله. وقوله "لا يشرك به شيئًا" اقتصر على نفي الإشراك، لأنه يستدعي التوحيد بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم؛ لأن من كذّب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فقد كذّب الله تعالى، ومن كذب الله تعالى فهو مشركٌ، أو هو مثل قول القائل "من توضأ صحت صلاته" أي مع سائر الشرائط، فالمراد من مات حال كونه مؤمنًا بجميع ما يجب الإيمان به.

<<  <  ج: ص:  >  >>