[باب فضل الطهور بالليل والنهار وفضل الصلاة عند الطهور بالليل والنهار]
كذا ثبت في رواية الكَشْمَيهنيَّ، ولغيره بعد الوضوء، واقتصر بعضهم على الشق الثاني من الترجمة، وعليه اقتصر الإسماعيليّ وأكثر الشُّرَّاح. والشق ليس بظاهر في حديث الباب، إلا إن حُمِل على أنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق الحديث، كما سنذكره في شرح الحديث من حديث بريدة.
قوله:"قال لبلال"، أي: ابن رباح المؤذن، وقوله: عند صلاة الفجر، فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام؛ لأن عادته -صلى الله عليه وسلم-، أنه كان يقص ما رآه، ويعبر ما رآه أصحابه، كما يأتي في كتاب التعبير بعد صلاة الفجر. وقوله:"بأرجى عمل" بلفظ أفعل التفضيل المبني من المفعول، وهو سماعي مثل أشغل وأعذر، أي: أكثر مشغولية ومعذورية، والعمل ليس براج للثواب، وإنما هو مرجوّ بالثواب، وأضيف إلى العمل؛ لأنه السبب الداعي إليه، والمعنى: حدثني بما أنت أرجى من نفسك به من أعمالك.
وقوله:"فإني سمعت" أي: الليلة، كما في مسلم في النوم؛ لأنه لا يدخل أحد الجنة يقظة، وإن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- دخلها يقظة، كما وقع له ليلة المعراج، إلا أن بلالًا لم يدخل. وقال النّورْبَشْتّيّ: هذا شيء كوشف به، عليه الصلاة والسلام، من عالم الغيب في نومه أو يقظته. ونرى ذلك، والله أعلم، عبارة عن مسارعة بلال إلى العمل الموجب لتلك الفضيلة، قبل ورود الأمر عليه، وبلوغ الندب إليه، وذلك من قبيل قول القائل لعبده: تسبقني إلى العمل، أي: تعمل قبل ورود أمري إليك، لكنه لما كان ما استنبطه موافقًا لمرضاة الله ورسوله، أقره واستحمده عليه.