قوله:"قال: حدّثنا الليث" قائل ذلك هو يحيى بن بكير المذكور، والحاصل أن بين الليث وبين محمد بن عمرو بن حلحلة في الرواية الأولى اثنين، وبينهما في الرواية الثانية واسطة واحدة وأردف الرواية النازلة بالرواية العالية على عادة أهل الحديث، وربما وقع لهم ضد ذلك لمعنى مناسب.
وقوله:"إنه كان جالسًا في نفر من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" في رواية كريمة مع نفر وكذا اختلف على عبد الحميد بن جعفر عن محمد بن عمرو بن عطاء ففي رواية عاصم عنه عند أبي داود وغيره: "سمعت أبا حميد في عشرة". وفي رواية هشيم عنه عند سعيد بن منصور:"رأيت أبا حميد مع عشرة". ولفظ مع يرجح أحد الاحتمالين في لفظ في لأنها تحتمل أن يكون أبو حميد من العشرة أو زائدًا عليهم، ثم إِن رواية الليث ظاهرة في اتصاله بين محمد بن عمرو وأبي حميد ورواية عبد الحميد صريحة في ذلك، وزعم ابن القطان تبعًا للطحاوي أنه غير متصل لأمرين: أحدهما أن عيسى بن عبد الله بن مالك رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء فأدخل بينه وبين الصحابة عباس بن سهل أخرجه أبو داود وغيره. ثانيهما أن في بعض طرقه تسمية أبي قتادة في الصحابة المذكورين، وأبو قتادة قديم لصغر سن محمد بن عمرو بن عطاء عن إدراكه.
والجواب عن ذلك أما الأول فلا يضر الثقة المصرح بسماعه أن يدخل بينه ويين شيخه واسطة. إما لزيادة في الحديث، وإما للتثبت فيه. وقد صرّح محمد بن عمرو المذكور بسماعه فتكون رواية