بهذا النسق في الخامس والعشرين منه، ومرَّ عبد الله بن مسعود في أوله قبل ذكر حديث منه.
والسادس محمد بن عبد الله بن نمير الهمداني الخارفي أبو عبد الرحمن الكوفي الحافظ، ذكره ابن حِبّان في الثقات، وقال: كان من الحفاظ المتقنين، وأهل الورع في الدين. وقال الحسن بن سفيان: ابن نمير ريحانة العراق، وأحد الأعلام، وقال أبو يعلى: حديث محمد بن نمير يملأ الصدر والنحر، وكان أحمد بن حنبل يعظم محمد بن نمير تعظيمًا عَجَبًا، ويقول: أي فتى هو، وقال: هو دُرَّةُ العراق، وقال عليّ بن الجُنَيد: كان أحمد وابن مُعين يقولان في شيوخ الكوفيين ما يقول ابن نمير فيهم. وقال ابن الجنيد: ما رأيت بالكوفة مثل ابن نمير، وكان رجلًا نبيلاً، قد جمع العلم والفهم والسنة والزهد، وكان فقيرًا.
وقال أحمد بن سنان: ما رأيت من الكوفيين من أحداثهم أفضل منه، وقال العجليّ: كوفيّ ثقة يعد من أصحاب الحديث، وقال أبو حاتم: ثقة يُحتج بحديثه، وقال أبو داود: ابن نمير أثبت من أبيه. وقال النَّسَائيّ: ثقة مأمون، وكان محمد بن عمر الصوفيّ إذا حدث عنه يقول: حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن نمير العبد الصالح. وقال ابن وضّاح: ثقة كثير الحديث، عالم به، حافظ له. وقال ابن قانع: ثقة ثَبْت. وقال ابن رشدين: سألت أحمد بن صالح عنه، فقال: تسألني عن رجل لم أر بالعراق مثله ومثل أحمد، ما رأيت بالعراق مثلهما، ولا أجمع منهما للعقل والدين، ولكل شيء.
وفي الزهرة روى عنه البخاري اثنين وعشرين حديثًا، ومسلم ثلاثة وسبعين وخمس مئة حديث. روى عن أبيه وسفيان بن عُيينة وإسماعيل بن علية ووكيع بن الجَرّاح وغيرهم. وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه، وروى التِّرْمِذِي والنَّسَائيّ عنه بواسطة البخاريّ، وروى عنه خلق. مات في شعبان أو رمضان سنة أربع وثلاثين ومئتين.
[لطائف إسناده]
فيه التحديث بالجمع والعنعنة والقول، ورجاله كلهم كوفيون، أخرجه البخاري أيضًا في الصلاة وفي هجرة الحبشة، ومسلم في الصلاة، وكذا أبو داود والنَّسَائيّ.
[الحديث الثالث]
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- نَحْوَهُ.
قوله: ظاهر في أن لفظ هُرَيمٌ غير متحد مع لفظ ابن فضيل، وأن معناهما واحدٌ، وكذا أخرج مسلم الحديث من الطريقين، وقال في رواية هريم أيضًا "نحوه"، ولم يسق لفظ هُرَيم إلاّ الجوزقيّ، وليس فيه مغايرة إلاَّ أنه قال:"قدمنا" بدل "رجعنا"، وزاد"فقيل له يا رسول الله" والباقي سواء. وللحديث طرق أخرى، منها عند أبي داود والنَّسَائيّ عن أبي ليلى عن ابن مسعود، وعند