الجهد الماضي في حديث بدء الوحي، حيث قال:"حتى بلغ مني الجهد" فإنه محتمل للمعنيين.
وقوله:"فقلت: لا"، زاد مسلم وأحمد: فنزلت هذه الآية: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قال: صوم ثلاثة أيام.
قوله:"لكل مسكين نصف صاع"، زاد مسلم:"نصف صاع" كررها مرتين، والصاع أربعة أمداد، والمد رطل وثلث، فهو موافق لرواية الفَرَق الذي هو ستة عشرـ رطلًا، وللطبراني عن أحمد بن محمد الخزاعي عن أبي الوليد شيخ البخاري فيه:"لكل مسكين نصف صاع تمر"، ولأحمد عن شعبة: نصف صاع طعام، ولبشر بن عمر، عن شعبة: نصف صاع حنطة، ورواية الحكم عن ابن أبي ليلى تقتضي أنه نصف صاع من زبيب، فإنه قال: يطعم فرقا من زبيب بين ستة مساكين، قال ابن حزم: لابد من ترجيح إحدى هذه الروايات لأنها قصة واحدة في مقام واحد، في حق رجل واحد.
والمحفوظ عن شعبة أنه قال في الحديث: نصف صاع من طعام، والاختلاف عليه في كونه تمرًا أو حنظة لعله من تصرف الرواة، وأما الزبيب فلم أره إلا في رواية الحكم، وقد أخرجها أبو داود، وفي إسنادها ابن إسحاق، وهو حجة في المغازي لا في الأحكام إذا خالف، والمحفوظ رواية التمر، فقد وقع الجزم بها عند مسلم من طريق أبي قلابة كما مرَّ، ولم يختلف فيه على أبي قلابة، وكذا أخرجه الطبري عن الشعبي، عن كعب، وأحمد عن ابن الأصبهاني، وكذا في حديث عبد الله بن عمرو عند الطبراني، وعرف بذلك قوة قول من قال: لا فرق في ذلك بين التمر والحنطة، وأن الواجب ثلاثة آصع، لكل مسكين نصف صاع، ولمسلم عن ابن أبي نجيح وغيره، عن مجاهد في هذا الحديث: وأطعم فرقا بين ستة مساكين، والفرق: ثلاثة آصع، فاشعر بأن تفسير الفرق مدرج لكنَّه مقتضى الروايات الأُخر، ففي رواية سليمان بن قرم عن ابن الأصبهاني عند أحمد: لكل مسكين نصف صاع، وفي رواية يحيى بن جعدة عند أحمد أيضًا: أو أطعم ستة مساكين، مدين مدين، وأما ما وقع في بعض النسخ عند مسلم عن ابن الأصبهاني: أو يطعم ستة مساكين، لكل مسكين صاع، فهو تحريف ممن دون مسلم، والصواب ما في النسخ الصحيحة: لكل مسكينين بالتثنية، وكذا أخرجه مسدد في مسنده عن أبي عوانة عن ابن الأصبهاني على الصواب.
[رجاله خمسة]
مرَّ منهم: أبو الوليد في العاشر من الإيمان، وشعبة في الثالث منه، وعبد الرحمن الأصبهاني في متابعةٍ بعد الحادي والأربعين من العلم، ومرَّ كعب بن عجرة في الذي قبله بحديث.