وقال ابن بطال: إن كان الخطيب هو الخليفة فسنته أن يخطب على المنبر وإن كان غيره يخير بين أن يقوم على المنبر وعلى الأرض، وتعقبه الزين بن المنير بأن هذا خارج عن مقصود الترجمة؛ ولأنه إخبار عن شيء أحدثه بعض الخلفاء فإن كان من الخلفاء الراشدين فهو سنة، وإن كان من غيرهم فهو بالبدعة أشبه منه بالسنة. قال في "الفتح": ولعل هذا هو حكمة هذه الترجمة أشار بها إلى أن هذا التفضيل غير مستحب، ولعل مراد مَنْ استحبه أن الأصل أن لا يرتفع الإمام على المأمومين ولا يلزم من مشروعية ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- ثم لمن وليَ الخلافة أن يشرع لمن جاء بعدهم، وحجة الجمهور وجود الاشتراك في وعظ السامعين وتعليمهم بعض أمور الدين.
وهذا الحديث قد مرَّ كثير من مباحثه في باب (الصلاة في السطوح والمنبر).
[رجاله أربعة]
قد مرّوا إلا يعقوب، وفيه ذكر رجال وفلانة امرأة من انصار وغلامك. مرّ قتيبة في الحادي والعشرين من الإيمان، ومرّ أبو حازم وسهل بن سعد في الثامن والمئة من الوضوء وأما يعقوب فهو ابن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاري القرشي الإسكندراني ذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال أحمد وابن معين: ثقة روى عن أبيه وزيد بن أسلم وأبي حازم وسهل بن أبي صالح، وروى عنه ابن وهب وقتيبه بن سعيد ويحيى بن بكير ويحيى بن يحيى وغيرهم. مات سنة إحدى وثمانين ومئة.
والقاري في نسبه نسبة إلى (القارة) قبيلة وهم عضل والديش ابنا الهون بن خزيمة بن كنانة سموا قارة لاجتماعهم والتفاتهم لما أراد ابن الشداخ أن يفرقهم في بني كنانة وقريش، قال الشاعر:
دعونا قارةً لا تذعرونا ... فنجفلَ مثلَ إجفالِ الظليمِ
وهم رماة الحدق في الجاهلية، وهم اليوم في اليمن ينسبون إلى أسد، والنسبة إليهم قاري وفي المثل أنصف القارة من راماها زعموا أن رجلين التقيا أحدهما قاري والآخر أسدي فقال القاري: إن شئت صارعتك وإن شئت سابقتك وإن شئت راميتك. فقال: اخترت المراماة فقال القاري: انصفتني وأنشد:
قد أنصفَ القارةَ من راماها ... إنّا إذا ما فئةٌ نلقاها
نرد أولاها على أُخراها
ثم انتزع له سهمًا وشك فؤاده قال السهيلي: فمعنى المثل أن لا تنفد حجارتنا إذا رمي بها فمن راماها فقد أنصف منهم يعقوب هذا وأخواه إبراهيم ومحمد ابنا عبد الرحمن، ومنهم عبد الرحمن بن عبد القاري سمع عمر وابن أخيه إبراهيم بن عبد الله سمع علياً وإياس بن عبد حليف بني زهرة شهد فتح مصر وعبد الله بن خشيم القاري حدث هو وجده.