وقوله:"ثم ليخترْ من الدعاءِ أعجبه إليه فيدعو" زاد أبو داود عن مسدد شيخ البخاري فيه فيدعو به. ونحوه للنَّسائيّ بلفظ:"فليدعُ به". ولإسحاق عن الأعمش:"ثم ليتخيرْ من الدعاءِ ما أحبَّ". وفي رواية منصور عند المصنف في "الدعوات": "ثم ليتخيرْ من الثناءِ". ونحوه لمسلم بلفظ:"من المسألة".
قال ابن المنير قوله:"ثم ليتخيرْ" وإن كانت بصيغة الأمر لكنها كثيرًا ما ترد للندب، ثم إن قوله:"ثم ليتخيرْ من الدعاء أعجبَهُ" شامل لكل دعاء مأثور وغيره مما يتعلق بالآخرة كقوله: "اللهمَّ أدخلني الجنةَ"، أو الدنيا مما يشبه كلام الناس كقوله:"اللَّهمَّ ارزقني زوجةً جميلةً ودراهمَ جزيلةً"، وبهذا أخذت المالكية والشافعية ما لم يكن إثمًا. وعند أبي حنيفة وأحمد لا يجوز الدعاء إلا بالأدعية المأثورة أو الموافقة للقرآن العظيم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ صلاتَنا هذه لا يصلحُ فيها شيءٌ من كلام الناسِ إنّما هو التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآنِ" رواه مسلم وذكره ابن أبي شيبة عن أبي هريرةَ وطاووس ومحمد بن سيرين. واحتج الأولون بقوله عليه الصلاة والسلام:"سلوا الله تعالى حوائجَكُمْ حتى الشِّسْع لنعالِكُم والملحَ لقدورِكُم". وقال ابن عمر:"لأدعو في صلاتي حتى بشعير حماري وملحِ بيتي". ويمكن أن يُجاب عن حديث:"إنّ صلاتنا هذه" إلخ بأن المراد بالصلاحية لها ما يكون مطلوبًا فيها من فرائض أو سنن أو آداب كما يشعر به آخر الحديث. وقد استثنت الشافعية ما يقبح من أمر الدنيا قال في "الفتح": فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل وإلا فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرمة مطلقًا لا يجوز، وهذا الاستثناء ذكره أبو عبد الله الأبي وعبارته: واستثنى بعض الشافعية من مصالح الدنيا ما فيه سوء أدب كقوله: "اللَّهمَّ أعطني امرأةً جميلةً ههنا كذا" ثم