قولة:"طبقت" أي: الصقت بين باطنيْ كفي في حال الركوع. وقوله:"كنا نفعله فنهينا عنه وأُمرنا" استدل به على نسخ التطبيق المذكور بناء على أن المراد بالآمر والناهي في ذلك هو النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذه الصيغة مختلف فيها والراجح أن حكمها الرفع وهو مقتضى تصرف البخاري وكذا مسلم، إذ أخرجه في صحيحه وفي رواية إسرائيل المذكورة عند الدارمي كان بنو عبد الله بن مسعود إذا ركعوا جعلوا أيديهم بين أفخاذهم فصليت إلى جنب أبي فضرب يدي الحديث، فأفادت هذه الزيادة مستند مصعب في فعل ذلك وأولاد ابن مسعود وأخذوه عن أبيهم.
قال الترمذي: التطبيق منسوخ عند أهل العلم لا خلاف بينهم في ذلك إلا ما روى عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون وقد ورد ذلك عن ابن مسعود متصلًا في صحيح مسلم وغيره.
عن علقمة والأسود أنهما دخلا على عبد الله فذكر الحديث قالا: فوضعنا أيدينا على ركبنا فضرب أيدينا ثم طبق بين يديه فجعلهما بين فخذيه فلما صلّى قال: هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في "الفتح" وحمل هذا على أن ابن مسعود لم يبلغه النسخ. قلت: هذا بعيد جدا لأن ابن مسعود كان صاحب السواد والوساد والسواك والنعل فكيف يخفى عليه النسخ مع شدة ملازمته، وقد روى ابن المنذر عن ابن عمر بإسناد قوي قال: إنما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة يعني التطبيق وروى ابن خزيمة من وجه آخر عن علقمة عن عبد الله قال: علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما أراد أن يركع طبق يديه بين ركبتيه فركع فبلغ ذلك سعدًا فقال: أخي كنّا نفعل هذا ثم أُمرنا بهذا يعني الإمساك على الركب فهذا شاهد قوي لطريق مصعب بن سعد.
وروى عبد الرزاق عن معمر ما يوافق قول سعد أخرجه من وجه آخر عن علقمة والأسود قالا: صلينا مع عبد الله فطبق ثم لقينا عمر فصلينا معه فطبقنا فلما انصرف قال: ذلك شيءٌ كنّا بفعله ثم ترك.