تدفن هناك، وقولهاهنا "لا تدفني معهم" يشعر بأنه بقي من البيت موضع للدفن، وقولها لعمر: أريده لنفسي، يدل على أنه لم يبق ما يسع إلا موضع قبر واحد، فهما متغايران، والجمع بينهما بأنها كانت أولًا تظن أنه لا يسع إلا قبرًا واحدًا، فلما دفن عمر ظهر أن هناك ما يسع قبرًا آخر.
وفي "التكملة" لابن الأبّار يسنده إلى عائشة أنها قالت للنبي -صلى الله عليه وسلم-: إني لا أراني إلا سأكون بعدك، فتأذن لي أن أدفن إلى جانبك؟ قال: وأنّى لكِ ذلك الموضع؟ ما فيه إلا قبري وقبر أبي بكر وعُمرَ وفيه عيسى بن مريم عليهما السلام.
[رجاله خمسة]
وفيه ذكر عمر رضي الله تعالى عنه، والوليد بن عبد الملك، وقد مرَّ رجاله إلاَّ فروة، مرَّ علي بن مسهر في الرابع والمئة من استقبال القبلة، ومرَّ هشام وعروة وعائشة في الثاني من بدء الوحي.
وفروة هو ابن أبي المفراء، واسمه معدي كَرِب، الكنديّ أبو القاسم الكوفي، ذكره ابن حِبّان في الثقات، ووثقه الدارقطنيّ، وقال أبو حاتم: صدوق. روى عن علي بن مسهر وأبي الأحوص وعُبيدة بن حميد وغيرهم. وروى عنه البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة والتِّرمِذِيّ بواسطة. مات سنة خمس وعشرين ومئتين.
وقد مرَّ عمر في الأول من بدء الوحي، والوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ولي الأمر بعد موت عبد الملك في سنة ست وثمانين، وكان أكبر ولد عبد الملك، وكانت خلافته تسع سنين وثمانية أشهر على المشهور، وكانت وفاته يوم السبت منتصف جمادى الآخرة سنة ست وتسعين بدمشق، بدير مروان، وصلّى عليه عمر بن عبد العزيز وحمل على أعناق الرجال ودفن بمقابر باب الصغير وقيل بباب الفراييس وبعد وفاته بويع بالخلافة لأخيه سليمان بن عبد الملك، وكان بالرّملة.