للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب المدينة تنفي الخبث]

أي: بإخراجه وإظهاره.

[الحديث السابع عشر]

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَبَايَعَهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَجَاءَ مِنَ الْغَدِ مَحْمُومًا، فَقَالَ: أَقِلْنِي، فَأَبَى ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَقَالَ: "الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا".

قوله: "فجاء أعرابي" يأتي في السند ما قيل فيه.

وقوله: "فبايعه على الإِسلام، فجاء من الغد محمومًا، فقال: أقلني" ظاهره أنه سأل الإقالة من الإِسلام، وبه جزم عياض، وقال غيره: إنما استقال من الهجرة، وإلا لكان قتله على الردة.

وقوله: "ثلاث مرار" يتعلق بأقلني أو يقال، وقال القسطلاني: ثلاث مرار تنازعه الفعلان قبله، وهما: قوله: فقال، وقوله: فأبى.

وقوله: "المدينة كالكير" ذكر عبد الغني بن سعيد في كتاب "الأسباب" له عند حديث: "المدينة تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الحديد": أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله في هذه القصة، وفيه نظر، والأشبه أنه قاله في قصة الذين رجعوا عن القتال معه يوم أحد.

وقوله: "كما تنفي خبثها" تقدم الكلام عليه في أول فضل المدينة.

وقوله: "وتنصع طيبها" بفتح أوله وسكون النون وبالمهملتين من النصوع، وهو الخلوص، والمعنى أنها إذا نفت الخبث يتميز الطيب، واستقر فيها، وقوله: "طيبها" الأكثر بالنصب علي المفعولية، وفي رواية الكشميهني بالتحتانية أوله، ورفع طيبها على الفاعلية وطيبها للجميع بالتشديد، وضبطه القزاز بكسر أوله، وبالتخفيف، ثم استشكله فقال: لم أر للنصوع في الطيب ذكرًا، وإنما الكلام يتضوع بالضاد المعجمة والواو الثقيلة، قال: ويروى وتنضخ بمعجمتين، وأغرب الزمخشري في "الفائق"، فضبطه بموحدة وضاد معجمة وعين، وقال: هو من أبضعه بضاعة إذا دفعها إليه، يعني أن المدينة تعطي طيبها لمن سكنها، وتعقبه الصفاني

<<  <  ج: ص:  >  >>